قوله تعالى : { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذي استوقد نَاراً }[ البقرة :17 ] إلى قوله : { يا أيها الناس }[ البقرة :17 ] قال الفَخْر : اعلم أن المقصود من ضرب المِثَالِ أنه يؤثر في القلوب ما لا يؤثره وصف الشيء في نفْسِهِ ، لأن الغرض من المَثَل تشبيه الخَفِيِّ بِالجَلِيِّ ، والغائب بالشاهدِ ، فيتأكَّد الوقوفُ على ماهيته ، ويصير الحس مطابقاً للعقل ، وذلك هو النهاية في الإِيضاح ، ألا ترى أنَّ الترغيب والترهيب إِذا وقع مجرَّداً عن ضرب مَثَلٍ ، لم يتأكَّد وقوعه في القلب ، كتأكُّده مع ضرب المثل ، ولهذا أكثر اللَّه تعالى في كتابه المبين ، وفي سائر كتبه الأمثالَ ، قال تعالى : { وَتِلْكَ الأمثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [ الحشر : 21 ] انتهى .
والمَثَل والمِثْل والمَثِيلُ واحدٌ ، معناه : الشبيه ، قاله أهل اللغة .
و{ استوقد } قيل : معناه أوقد .
واختلف المتأولون في فعل المنافقين ، الذي يشبه فعل الذي استوقد نارا ، ، فقالت فرقةٌ : هي فيمن كان آمن ، ثم كفر بالنفاقِ ، فإِيمانه بمنزلة النار أضاءت ، وكفره بعد بمنزلة انطفائها وذهابِ النور ، وقالت فرقةٌ منهم قتادة : نطقهم ب «لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ » ، والقُرْآنِ كإِضاءة النار ، واعتقادهم الكفر بقلوبهم كانطفائها ، قال جمهورُ النحاة : جواب «لَمَّا » ، «ذَهَبَ » ، ويعود الضمير من نورهم على «الذي » ، وعلى هذا القولِ يتمُّ تمثيل المنافق بالمستوقِدِ ، لأنَّ بقاء المستوقِدِ في ظلمات لا يبصر ، كبقاء المنافق على الخلاف المتقدِّم .
وقال قومٌ : جوابُ «لَمَّا » مضمرٌ ، وهو «طُفِئَتْ » ، فالضمير في «نُورِهِمْ » ، على هذا للمنافقين ، والأخبار بهذا هو عن حال لهم تكونُ في الآخرة ، وهو قوله تعالى : { فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ . . . } الآيةَ [ الحديد : 13 ] الآية ، وهذا القول غير قويٍّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.