صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ} (2)

{ ذَلِكَ الْكِتَابُ } ذلك الكتاب الكامل ، وهو القرآن العظيم . و الكتاب : مصدر كَتَبَ كالكَتْب . و أصل الكتب ضَمُّ أديم إلى أديم بالخياطة ، واستعمل عرفا في ضم الحروف بعضها إلى بعض بالخط . وأريد به هنا المنظوم عبارة قبل أن تنظم حروفه التي يتألف منها في الخط ، تسمية للشيء باسم ما يئول إليه .

{ لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي ليس هذا الكتاب محلا لأن يرتاب عاقل منصف في أنه منزل من عند الله ، أو في هدايته للبشر ، لأن معه من الدلائل ما لو تأمله لم يتطرق إلى نفسه أدنى شك في ذلك . والريب : الشك والظنة والتهمة . مصدر رابه الأمر إذا حصل عنده فيه ريبة ، وقال ابن الأثير : هو الشك مع التهمة .

{ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } هو هداية وإرشاد لهم . مصدر هداه هُدًى وهِدايةً وهِدية-بكسرهما- فُهدِىَ . ومعناه الدلالة الموصلة إلى البغية ، وضده الضلال . والمتقون : هم الذين يجتنبون كل ما يُؤَثِّم من قول أو فعل ، أو يمتثلون ما أمر الله به ويجتنبون ما نهى عنه ، وقاية لأنفسهم من عذاب الله وسخطه . جمع مُتَّقِ ، اسم فاعل من اتقى وأصله او اتقى-بوزن افتعل- من وقَّى الشيء وقاية ، أي صانه وحفظه مما يضره ويؤذيه . فإذا بنيت منه افتعل قلبت الواو تاء وأدغمت في التاء الأخرى فصارت اتقى . وخص المتقين بالذكر لأنهم هم الذين ينتفعون به .