صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُۥٓ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ يُثۡخِنَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (67)

{ ما كان لنبي أن يكون له أسرى } استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في أسرى بدر ، فأشار أبو بكر باستبقائهم رجاء توبتهم ، وأخذ فدية منهم تكون قوة للمسلمين . وأشار عمر – اجتهاد منه- وآخرون بقتلهم إعزازا للإسلام . فمال صلى الله عليه وسلم إلى الرأي الأول . وكان فداء كل أسير أربعين أوقية من الذهب ، إلا العباس ففداؤه ثمانون . فنزلت الآية عتابا على الإقدام على الفداء قبل الإثخان اللازم له قوة الإسلام له وعزته والمعنى : ما ينبغي لنبي أن يكون له أسرى{ حتى يثخن في الأرض } أي حتى يبالغ في قتال الأعداء ، إذلالا للكفر وإعزازا لدين الله ، من الثخانة ، وهي في الأصل الغلظ والصلابة . يقال : ثخن الشيء يثخن ثخونة وثخانة وثخنا ، غلظ وصلب فهو ثخين . ثم استعمل في النكاية في العدو فقيل : أثخن فيه ، أي بالغ فيه قتلا وجراحة ، لأنه بذلك يمنعه من الحركة فيصير كالثخين الذي يسيل .

{ تريدون عرض الدنيا } أي حطامها وهو الفداء { و الله يريد الآخرة } أي يريد لكم ثوابها بسبب الإثخان في أعداء دينه .