قوله : { ما كان لنبيء أن يكون له أسرى } إلى قوله : { غفور رحيم }[ 67-69 ] .
المعنى : ما كان لنبي أن يحبس كافرا{[27798]} قدر عليه للفدية والمن{[27799]} .
و " الأسر " : الحبس{[27800]} .
قوله : { حتى يثخن في الارض }[ 67 ] .
أي : حتى يبالغ في قتل المشركين وقهرهم{[27801]} .
وهذا تعريف من الله عز وجل لنبيه عليه السلام ، أن قتل من فادى به يوم بدر ، كان أولى من المفاداة وإطلاقهم{[27802]} .
وقوله : { تريدون عرض الدنيا }[ 67 ] .
هذا للمؤمنين الذين رغبوا{[27803]} في أخذ المال في الفداء{[27804]} .
{ والله يريد الآخرة }[ 67 ] ، أي : يريد لكم زينة الآخرة وخيرها{[27805]} .
قال ابن عباس : كان هذا يوم بدر ، والمسلمين قليل ، فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله عز وجل في الأسرى : { فإما منا بعد وإما فداء }{[27806]} ، فجعل الله المؤمنين بالخيار في أساراهم{[27807]} .
وقال مجاهد : " الإثخان " : القتل{[27808]} .
وقال ابن مسعود : لما كان يوم بدر وجيء بالأسارى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تقولون في هؤلاء الأسارى ؟ فقال أبو بكر ، رضي الله عنه ، قومك وأهلك ، فاستبقهم ، لعل الله أن يتوب عليهم .
وروي عنه أنه قال : يا رسول الله ، بنو العم والعشيرة ، وأرى أن تأخذ منهم فدية تكون لنا قوة على الكفار ، وعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام{[27809]} .
وقال عمر رضي الله عنه ، كذبوك وأخرجوك ، فاضرب أعناقهم .
وروي عنه أنه قال : لا والله الذي لا إله إلا هو ، ما أرى الذي قال أبو بكر ، ولكني أرى أن تمكننا منهم ، فنضرب أعناقهم ، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها{[27810]} .
وقال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله ، انظر واديا كثير الحطب فأدخلهم فيه ، ثم أضرمه عليهم . فقال له العباس : قطعتك{[27811]} رحمك . فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ناس : نأخذ{[27812]} برأي أبي بكر . وقال ناس : نأخذ برأي عمر .
وقال ناس : نأخذ برأي عبد الله بن رواحة . ثم خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إن الله ليلين قلوب رجال [ حتى تكون ألين{[27813]} من اللين ، وإن الله ليشدد قلوب رجال حتى تكون أشد من الحجارة ] ، وإن مثلك يا أبا بكر ، مثل إبراهيم عليه السلام{[27814]} قال : { فمن تبعني [ فإنه ]{[27815]} مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم }{[27816]} ، ومثلك يا أبا بكر مثل عيسى ، قال : { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم }{[27817]} ، ومثلك يا عمر مثل نوح ، قال : { رب{[27818]} لا تذر على الارض من الكافرين ديارا }{[27819]} ، ومثلك يا عبد الله{[27820]} كمثل موسى ، قال : { ربنا اطمس على أموالهم/واشدد على قلوبهم }{[27821]} ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنتم اليوم عالة ، فلا يقتلن أحد منكم إلا بفداء أو ضربة عنق " {[27822]} .
قال قتادة : فَادَوْهُم{[27823]} بأربعة آلاف أربعة آلاف ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لم يثخن في الأرض ، وكان أول قتاله المشركين{[27824]} .
قال مالك : الإمام مخير في الرجال ، إن شاء قتل ، وإن شاء فادى بهم{[27825]} أسارى المسلمين{[27826]} ، قال : وأمثل{[27827]} ذلك عندنا أن يقتل{[27828]} من خيف منه{[27829]} .
وقال جماعة من العلماء : الإمام مخير ، إن شاء قتل ، وإن شاء أسر ، وإن شاء فادى ، وهو قول الشافعي ، وغيره ){[27830]} .
من قتل أسيرا قبل أن يوصله إلى الإمام فلا شيء عليه ، وقد أساء ، فإن قتل صبيا أو امرأة عوقب وغرم الثمن ، هذا قول الشافعي وغيره{[27831]} .
وقال الأوزاعي والثوري : لا يقتل الأسير حتى يبلغ الإمام ، إلا أن يخافه ، فإن قتله بعدما وصل به إلى الإمام غرم ثمنه ، وإن قتله قبل أن يصل عوقب ولا غرم عليه{[27832]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.