تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُۥٓ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ يُثۡخِنَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (67)

أسرى : جمع أسير وهو كل من يؤخذ من المحاربين .

الإثخان : الشدة ، حتى يثخن في الأرض : يُكثر القتال ويبالغ فيه .

عرض الدنيا : حطام الدنيا وما فيها من زخارف .

لا يسوغ لأحد من الأنبياء أن يكون له أسرى يحتجزهم ، أو يأخذ منهم الفِداء ، أو يمنّ عليهم بالعفو ، حتى يتغلّب على أعدائه ، ويُكثر القتل والجراح فيهم ، فلا يستطيعوا قتالا بعد ذلك ، ولكنّكم أيها المؤمنون سارعتم في غزوة بدر إلا اتخاذ الأسرى قبل التمكّن في الأرض تريدون منافع الدنيا وحُطامَها ، والله يريد لكم الآخرة .

{ والله عَزِيزٌ حَكِيمٌ } عزيز يَهَبُ العزة للمؤمنين وإن لم يكن لهم أسرى ، وهو حكيم في تدبيره وأمره ونهيه .

قراءات :

قرأ أهل البصرة «أن تكون » بالتاء .

روى الإمام أحمد عن أنس قال : استشار النبي صلى الله عليه وسلم في الأسارى يوم بدر فقال : إن الله مكّنكم منهم ، فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله اضربْ أعناقهم . فأعرض عنه النبي ، ثم عاد رسول الله لمقالته ، إنما هم إخوانكم بالأمس . وعاد عمر لمقالته ، فأعرض عنه . فقام أبو بكر الصدّيق فقال : يا رسول الله نرى أن تعفو عنهم ، وأن تقبل منهم الفداء ؟ قال : فذهب عن وجه رسول الله ما كان فيه من الغم ، فعفا عنهم وقبل منهم الفداء .

وفي رواية ابن عباس عن عمر زيادة هي : فلما كان الغد جئتُ ، فإذا رسول الله وأبو بكر يبكيان فقلت : يا رسولَ الله ، أخبِرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك . . . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبكي على أصحابك من أخذِهم الفداءَ ، لقد عرض عليَّ عذابُهم أدنى من هذه الشجرة . فأنزل الله عز وجل «وما كان لنبي . . . . » الآية .