قوله تعالى : { أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى } : قرأ أبو عمرو " تكون " بالتأنيث مراعاةً لمعنى الجماعة . والباقون/ بالتذكير مراعاةً للفظ الجمع . والجمهورُ هنا على " أَسْرى " وهو قياس فعيل بمعنى مفعول دالاَّ على أنه كجريح وجَرْحى . وقرأ ابن القعقاع والمفضَّل عن عاصم " أُسَارى " شبَّهوا " أسير " بكَسْلان فجمعوه على فُعالَى ككُسالى ، كما شبَّهوا به " كسلان " فجمعوه على كَسْلى . وقد تقدَّم القولُ فيهما في البقرة محققاً .
وقوله : { يُثْخِنَ } قرأ العامة " يُثْخن " مخففاً عدَّوه بالهمزة ، وقرأ أبو جعفر ويحيى بن وثاب ويحيى بن يعمر " يُثَخِّن " بالتشديد ، عَدَّوْه بالتضعيف وهو مشتقٌّ من الثَّخانة ، وهي الغِلْظ و الكثافة في الأجسام ، ثم يُستعار ذلك في كثرة القتل والجراحات فيقال : أَثْخَنَتْه الجراح أي : أثقلته حتى أَثْبَتَتْه ، ومنه { حَتَّى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ } [ محمد : 4 ] . وقيل : حتى تقهر . والإِثخان : القهر . أنشد المفضل :
تُصَلِّي الضُّحى ما دهرُها بتعبُّدٍ *** وقد أَثْخَنَتْ فرعونَ في كفره كفرا
كذا أنشده الهرويُّ شاهداً على القهر وليس فيه معنى ، إذ المعنى على الزيادة والمبالغةِ المناسِبةِ لأصل معناه وهي الثَّخانة ويقال منه : ثَخُنَ يَثْخُنُ ثَخَانةً فهو ثَخِين ، كظَرُف يَظْرُف ظَرافةً فهو ظريف .
قوله : { وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ } الجمهور على نصب " الآخرة " ، وقرأ سليمان بن جماز المدني بجرها ، وخُرِّجت على حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على جَرِّه . وقدَّره بعضهم : عَرَض الآخرة ، فعيب عليه إذ لا يحسن أن يقال : والله يريد عرض الآخرة ، فأصلحه الزمخشري بأنْ جَعَله كذلك لأجل المقابلة قال " يعني ثوابها " . وقدَّره بعضُهم بأعمال أو ثواب . وجعله أبو البقاء كقول الآخر : . . . . . . . . . . . . . . . . . *** ونارٍ تَوَقَّدُ بالليلِ نارا
وقدَّر المضاف " عَرَضَ الآخرة " . قال الشيخ : " ليست الآيةُ مثلَ البيت فإنه يجوز ذلك إذا لم يُفْصل بين حرف العطف وبين المجرور بشيء كالبيت ، أو يُفصل ب " لا " نحو : " ما مثل زيد ولا أخيه يقولان ذلك " ، أمَّا إذا فُصِل بغيرها كهذه القراءةِ فهو شاذٌّ قليل " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.