الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (44)

قوله : ( وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ ) [ 42 ] .

إنما أمروا بهذا لأنهم كانوا يأمرون الناس به ولا يفعلونه ، دل عليه قوله : ( أَتَامُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنفُسَكُمْ ) أي تتركون أنفسكم " ( {[1851]} ) .

والزكاة النماء والزيادة . سميت بذلك لأنها تنمي المال وتثمره( {[1852]} ) .

وروى أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رجالاً تُقْرضُ شِفاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ( {[1853]} ) نارٍ ، فَقُلْتُ : يا جِبْريلَ مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ فقالَ : هؤلاءِ خُطَباءٌ يأْمرونَ النَّاسَ بالبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ( {[1854]} ) " ( {[1855]} ) .

وقيل : كانوا ينهون الناس عن الكفر بشيء من التوراة والإنجيل ويقولون : تمسكوا( {[1856]} ) بما فيهما ، وهم يكفرون بما يجدونه فيهما من أمر( {[1857]} ) محمد صلى الله عليه وسلم وينقضون ما عهد إليهم في ذلك( {[1858]} ) .

وقيل : إنهم كانوا( {[1859]} ) يخبرون الأنصار بصفة محمد صلى الله عليه وسلم( {[1860]} ) ، ويأمرونهم بالإيمان به ، وهم يؤمنون به قبل مبعثه( {[1861]} ) ، فلما بعث آمنت به الأنصار ، وكفرت به اليهود( {[1862]} ) .

ثم قال تعالى : ( أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) [ 43 ] .

أي أفلا تعقلون/ أن وبال ذلك راجع( {[1863]} ) عليكم .

وأصل العقل المنع . يقال : " عَقَلْتُ نَفْسِي عَنْ كَذا " أي مَنَعْتُها ، " وَعَقَلْتُ البَعيرَ " إذا رَبَطْتَهُ " ، وعَقَلْتُ( {[1864]} ) عَنِ الرّجُلِ " إذا لَزِمَتْهُ دِيَّةً فَأَعْطَيْتَهَا عَنْهُ( {[1865]} ) . فهذا فرق بين عَقَلْتُهُ عَنْهُ " .


[1851]:- انظر: هذا التوجيه في جامع البيان 1/572.
[1852]:- انظر: مفردات الراغب 218، واللسان 2/36.
[1853]:- سقط من ق.
[1854]:- في ق: أنفسكم، وهو تحريف.
[1855]:- انظر: كنز العمال 11/398-399.
[1856]:- في ق: تمسوا. وهو تحريف.
[1857]:- في ق: أمر ذكر.
[1858]:- وهو وقول ابن عباس في المحرر الوجيز 1/203.
[1859]:- سقط من ع2، ع3.
[1860]:- قوله: "وينقضون... محمد صلى الله عليه وسلم" ساقط من ع2.
[1861]:- في ع3: بعثه.
[1862]:- انظر: المحرر الوجيز 1/204، والدر المنثور 1/156.

[1863]:- في ق: رجع.
[1864]:- في ع2: علقت. وهو تحريف.
[1865]:- انظر: مفردات الراغب 354، واللسان 2/845-846.