الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قُلۡ إِن كَانَتۡ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةٗ مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (94)

قوله : ( فَتَمَنَّوُا المَوْتَ ) [ 93 ] .

معناه : إن كانت لكم الجنة على قولكم وأنتم إليها صائرون ، فتمنوا الموت فإن ذلك لا يضركم ففضحهم الله تعالى في كذبهم ودعواهم ، وَعَلِمَ الناس أن تأخرهم( {[3034]} ) عن التمني يدل على كذبهم ، وكذلك امتنع النصارى إذ( {[3035]} ) دعاهم النبي [ عليه السلام ]( {[3036]} ) إلى المباهلة في عيسى صلى الله عليه وسلم فافتضحوا ، وعلم( {[3037]} ) أنهم كاذبون في دعواهم .

قال النبي [ عليه السلام ]( {[3038]} ) " لَوْ( {[3039]} ) أَنَّ اليَهُودَ تَمَنَّوا المَوْتَ لماتُوا وَلَرَأَوْا( {[3040]} ) مَقَاعِدَهُمْ مِنَ النَّارِ . وَلَوْ خَرَجَ الَّذِينَ يُبَاهِلُونَ لَرَجَعُوا/ لاَ يَجِدُونَ أَهْلاً وَلا مَالاً " ، رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم( {[3041]} ) . وإنما دعوا إلى تمني الموت لأنهم كانوا يقولون : ( نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) [ المائدة : 20 ] . ويقولون : ( لَنْ يَّدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً اَوْ نَصَارَى ) ( {[3042]} ) . فقال( {[3043]} ) الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لهم : إن كنتم صادقين/ فيما تقولون ، فتمنوا الموت فلم يفعلوا فَبَانَ كذبهم( {[3044]} ) .

قال ابن عباس : " [ قيل لهم ]( {[3045]} ) : ادعوا بالموت على أي : الفريقين أكذب فأبوا " ( {[3046]} ) .

وقوله : ( مِنْ دُونِ النَّاسِ ) [ 93 ] .

أي : من دون جميع الناس( {[3047]} ) . وقيل : من دون محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه( {[3048]} ) .


[3034]:- في ع2: تأخذهم. وهو تحريف.
[3035]:- في ع3: إذا. وهو تحريف.
[3036]:- في ع2، ع3: صلى الله عليه وسلم.
[3037]:- في ع3: علموا.
[3038]:- في ع2، ع3: صلى الله عليه وسلم.
[3039]:- في ع3: لولا.
[3040]:- في ع3: الواو وهو تحريف.
[3041]:- انظر: سيرة ابن هشام 2/191، ومجمع الزوائد 6/314، وتفسير ابن كثير 1/127، والدر المنثور 1/220.
[3042]:- البقرة آية 110.
[3043]:- في ع3: قال.
[3044]:- وهو معنى قول قتادة وأبي العالية والربيع. انظر: جامع البيان 2/364-365.
[3045]:- في ق: قبل لهم. وفي ع3: قيل.
[3046]:- انظر: تفسير القرطبي 2/33.
[3047]:- انظر: جامع البيان 2/366.
[3048]:- المصدر السابق.