الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَسَرَابِۭ بِقِيعَةٖ يَحۡسَبُهُ ٱلظَّمۡـَٔانُ مَآءً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَهُۥ لَمۡ يَجِدۡهُ شَيۡـٔٗا وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُۥ فَوَفَّىٰهُ حِسَابَهُۥۗ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (39)

ثم قال تعالى : {[48858]} { والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة }[ 38 ] ، هذا مثال ضربه الله لأعمال الكفار ، أي والذين جحدوا آيات الله ، أعمالهم التي عملوها في الدنيا مثل سراب . والسراب{[48859]} ما لصق بالأرض وذلك يكون{[48860]} نصف النهار ، وحين يشتد الحر . وإذا أري من بعد ظن أنه ماء . والآل{[48861]} ما رأيت أول النهار وآخره الذي يرفع كل شيء .

وقوله { بقيعة } هو جمع{[48862]} قاع ، كالجيرة : جمع جار ، هذا قول الفراء{[48863]} .

وقال{[48864]} : أبو عبيدة : قيعة وقاع واحد ، والقاع والقيعة ما انبسط من الأرض ، ولم يكن فيه نبت ، وفيه يكون السراب{[48865]} .

و{ يحسبه الظمئان ماء }[ 38 ] ، أي يحسب{[48866]} العطشان ذلك السراب ماء حتى إذا جاء السراب ليشرب منه لم يجده شيئا .

وقيل{[48867]} : المعنى : جاء موضع السراب لأن السراب ليس بشيء ، وكذلك{[48868]} الكافر بالله ، عمله يحسب{[48869]} أنه ينجيه عند الله من عذابه . حتى إذا هلك وجاء وقت حاجته إلى عمله لم يجده شيئا يفعله{[48870]} إذا{[48871]} كان على كفر بالله .

ثم قال : { ووجد الله عنده }[ 38 ] ، أي ووجد{[48872]} هذا الكافر وعد الله بالجزاء على عمله بالمرصاد{[48873]} ، فوفاه حساب{[48874]} عمله{[48875]} وجازاه عليه . هذا معنى قول{[48876]} ابن عباس وأبي بن كعب ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، وابن زيد .

فالضمير{[48877]} في لم{[48878]} يجده و{ جاءه } للظمآن ، والضمير في { وجد } للكافر الذي ضرب الله مثلا بالظمآن . فالمعنى أن الكافر يأتي يوم القيامة أحوج ما كان إلى عمله فلا يجد{[48879]} شيئا ، كهذا{[48880]} الظمآن يأتي إلى السراب الذي يظنه{[48881]} ماء أحوج ما كان إليه لشدة عطشه فلا يجد{[48882]} شيئا . وقوله { والله سريع الحساب }[ 38 ] ، أي{[48883]} لا يحتاج إلى عقد{[48884]} عند حساب ، هو عالم بذلك كله قبل أن يعمله العبد{[48885]} وإنما ، سماه حسابا{[48886]} لأنه أعطاه جزاء عمله على قدر ما استحقه .

وقال { سريع الحساب }[ 38 ] ، لأن محاسبته لعبد{[48887]} وإعطاءه جزاء عمله لا يشغله عن محاسبة غيره من عبيده ، لأنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن .


[48858]:"تعالى" سقطت من ز.
[48859]:انظر: لسان العرب 1/465 مادة "سرب".
[48860]:"يكون" ساقط من ز.
[48861]:"والآل" ساقطة من ز.
[48862]:انظر: تاج العروس 5/489 مادة "قاع"، وانظر: القرطبي 12/282.
[48863]:انظر: معاني الفراء2/254.
[48864]:انظر: مجاز القرآن 2/66، والقرطبي 12/282.
[48865]:انظر: القرطبي 12/282.
[48866]:ز: يحسبه.
[48867]:انظر: زاد المسير 6/49.
[48868]:ز: فكذلك.
[48869]:ز: يحسبه.
[48870]:ز: ينفعه.
[48871]:ز: إذ.
[48872]:ز: فوجد
[48873]:ز: بالمراصد.
[48874]:ز: حسابه.
[48875]:"عمله" سقطت من ز.
[48876]:انظر: تفسير ابن جرير 18/149، وابن كثير 5/112، وانظر: التوجيه كذلك في مجمع البيان 18/54.
[48877]:ز: والضمير.
[48878]:بعدها في ز: من.
[48879]:ز: يجده.
[48880]:ز: هكذا.
[48881]:ز: يظن.
[48882]:ز: يجده.
[48883]:"أي" ساقطة من ز.
[48884]:ز: "عقل" وهو تحريف.
[48885]:"العبد" ساقطة من ز.
[48886]:ز: سرابا.
[48887]:من "لعبد محاسبته" ساقط من ز.