ثم قال تعالى : {[48858]} { والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة }[ 38 ] ، هذا مثال ضربه الله لأعمال الكفار ، أي والذين جحدوا آيات الله ، أعمالهم التي عملوها في الدنيا مثل سراب . والسراب{[48859]} ما لصق بالأرض وذلك يكون{[48860]} نصف النهار ، وحين يشتد الحر . وإذا أري من بعد ظن أنه ماء . والآل{[48861]} ما رأيت أول النهار وآخره الذي يرفع كل شيء .
وقوله { بقيعة } هو جمع{[48862]} قاع ، كالجيرة : جمع جار ، هذا قول الفراء{[48863]} .
وقال{[48864]} : أبو عبيدة : قيعة وقاع واحد ، والقاع والقيعة ما انبسط من الأرض ، ولم يكن فيه نبت ، وفيه يكون السراب{[48865]} .
و{ يحسبه الظمئان ماء }[ 38 ] ، أي يحسب{[48866]} العطشان ذلك السراب ماء حتى إذا جاء السراب ليشرب منه لم يجده شيئا .
وقيل{[48867]} : المعنى : جاء موضع السراب لأن السراب ليس بشيء ، وكذلك{[48868]} الكافر بالله ، عمله يحسب{[48869]} أنه ينجيه عند الله من عذابه . حتى إذا هلك وجاء وقت حاجته إلى عمله لم يجده شيئا يفعله{[48870]} إذا{[48871]} كان على كفر بالله .
ثم قال : { ووجد الله عنده }[ 38 ] ، أي ووجد{[48872]} هذا الكافر وعد الله بالجزاء على عمله بالمرصاد{[48873]} ، فوفاه حساب{[48874]} عمله{[48875]} وجازاه عليه . هذا معنى قول{[48876]} ابن عباس وأبي بن كعب ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، وابن زيد .
فالضمير{[48877]} في لم{[48878]} يجده و{ جاءه } للظمآن ، والضمير في { وجد } للكافر الذي ضرب الله مثلا بالظمآن . فالمعنى أن الكافر يأتي يوم القيامة أحوج ما كان إلى عمله فلا يجد{[48879]} شيئا ، كهذا{[48880]} الظمآن يأتي إلى السراب الذي يظنه{[48881]} ماء أحوج ما كان إليه لشدة عطشه فلا يجد{[48882]} شيئا . وقوله { والله سريع الحساب }[ 38 ] ، أي{[48883]} لا يحتاج إلى عقد{[48884]} عند حساب ، هو عالم بذلك كله قبل أن يعمله العبد{[48885]} وإنما ، سماه حسابا{[48886]} لأنه أعطاه جزاء عمله على قدر ما استحقه .
وقال { سريع الحساب }[ 38 ] ، لأن محاسبته لعبد{[48887]} وإعطاءه جزاء عمله لا يشغله عن محاسبة غيره من عبيده ، لأنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.