الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَأَنكِحُواْ ٱلۡأَيَٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰلِحِينَ مِنۡ عِبَادِكُمۡ وَإِمَآئِكُمۡۚ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغۡنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ} (32)

قوله تعالى ذكره : { وأنكحوا الأيامى منكم }[ 32 ] ، إلى قوله : { واسع عليم }{[48391]} وزوجوا{[48392]} أيها المؤمنون الأيامى منكم ، أي من لا زوج لها من المسلمات الحرائر ، ومن لا زوجة له من الرجال ، وأهل الصلاح من عبيدكم ، ومن مملوكاتكم .

والأيامى جمع{[48393]} أيم مشبهة{[48394]} بيتيمة ويتامى ، يقال{[48395]} : أيم وأيامى ، وأيايم ، وأيام مثل : جيد وجياد .

والأيم عند أهل اللغة : من لا زوج لها كانت بكرا أو ثيبا . حكى{[48396]} ذلك أبو عمرو{[48397]} والكسائي وغيرهما ، وهو قول مالك وغيره .

يقال : رجل أيم ، وامرأة أيم{[48398]} و{[48399]}أيمة : إذا لم يكن لواحد منهما زوج .

وقرأ{[48400]} الحسن : { والصالحين{[48401]} من عبادكم } وعبيد اسم للجمع{[48402]} .

وروى عن عكرمة عن ابن عباس : أنه قال : من كانت له جارية فلم يصبها ، أو لم{[48403]}يزوجها ، أو كان له عبد فلم يزوجه ، فما صنعا من فاحشة فإثم ذلك على السيد . وهذا يدل على أن الآية على الحتم والأمر للسادة بذلك .

ثم قال تعالى : { إن يكونوا{[48404]} فقراء يغنهم الله من فضله }[ 32 ] ، أي إن يكن{[48405]} هؤلاء الذين أمرتم بإنكاحهم{[48406]} ذوي فاقة ، فقر يغنهم الله من فضله ، فلا{[48407]} يمنعكم فقرهم من إنكاحهم .

وقال{[48408]} ابن عباس : أمر الله سبحانه بالنكاح ورغبهم فيه ، وأمرهم أن يزوجوا أحرارهم{[48409]} وعبيدهم ، ووعدهم في ذلك الغنى فقال : { إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله }[ 32 ] .

وقال{[48410]} ابن مسعود : التمسوا الغنى في النكاح ، يقول الله سبحانه : { إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله } .

ويروى{[48411]} عن عمر أنه قال : عجبت لامرئ كيف لا يرغب{[48412]} في الباءة{[48413]} ، والله يقول : { إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله }[ 32 ] .

وقيل{[48414]} : معنى الآية : يغنهم الله من فضله بالنكاح ، وكذلك{[48415]} :

{ وإن يتفرقا{[48416]} يغن الله كلا من سعته }{[48417]} أي بالنكاح{[48418]} يعني بالتزويج ، لأنه لم يجعل كل{[48419]} زوج مقصورا{[48420]} على زوج أبدا .

وقوله تعالى : { والله واسع عليم } [ 32 ] ، أي واسع الفضل يغني من يشاء من فضله عليم بمصالح خلقه وأعمالهم .


[48391]:ز: "والله واسع عليم".
[48392]:"الواو" من "وزوجوا" ساقطة من ز.
[48393]:انظر: تاج العروس 8/195، مادة: أيم.
[48394]:ز: مثل.
[48395]:ز: ويقال.
[48396]:انظر: القرطبي 12/239-240.
[48397]:انظر: ترجمته في غاية النهاية 1/288، وابن خلكان 1/386، والأعلام 3/72.
[48398]:"أيم" ساقطة من ز.
[48399]:"الواو" ساقطة من ز.
[48400]:انظر: شواذ القرآن ص103، وزاد المسير 6/35، وفيه: قرأ به الحسن، ومعاذ القارئ وانظر: القرطبي 12/240، وإتحاف فضلاء البشر 2/296.
[48401]:"والصالحين" سقطت من ز.
[48402]:ز: لجمع.
[48403]:ز: ولم.
[48404]:"إن يكونوا" سقطت من ز.
[48405]:ز: يكون.
[48406]:ز: بإنكاحهن.
[48407]:ز: يمنعكم.
[48408]:انظر: ابن جرير 18/125، والرازي 23/215، والدر المنثور 18/188.
[48409]:ز: لجوارهم.
[48410]:انظر: ابن جرير 18/126، والقرطبي 12/291، والتسهيل 3/142، وابن كثير 5/95، والدر المنثور18/188.
[48411]:انظر: أحكام القرآن للجصاص 3/320، وأحكام القرآن لابن العربي، رواية عن ابن عمر 3/1379، والقرطبي 12/241.
[48412]:ز: لا يرغبه.
[48413]:ز: البنا.
[48414]:"الواو" من "وقيل" ساقطة من ز.
[48415]:ز: وكذا.
[48416]:ز: إن يتفرقوا.
[48417]:النساء: 130.
[48418]:ز: ويغني.
[48419]:ز: لكم.
[48420]:ز: مقصودا.