ثم قال تعالى{[50336]} : { وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض }[ 63 ] ، عباد رفع بالابتداء ، والخبر محذوف عند الأخفش{[50337]} .
وقال الزجاج وغيره : الخبر { أولئك يجزون الغرفة{[50338]} }[ 75 ] .
وقيل{[50339]} : الخبر { الذين يمشون{[50340]} }[ 63 ] ، { سلاما }[ 53 ] ، منصوب{[50341]} على المصدر ، وإن شئت " تعالوا " .
وقوله : { قالوا سلاما }[ 63 ] ، منسوخ{[50342]} بالأمر{[50343]} بالقتال : إنما كان هذا قبل أن يؤمروا{[50344]} بالقتال ولم يتكلم سيبويه في شيء من الناسخ والمنسوخ إلا في هذه الآية ، وهو من التسلم{[50345]} ، لا من التسليم تقول : " سلاما{[50346]} منك " أي : تسلما منك .
قال سيبويه في الآية : ولم يؤمر{[50347]} المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ، ولكنه{[50348]} على قولك لا خير بيننا{[50349]} ولا شر ، وقد ردت{[50350]} على سيبويه هذه العبارة . إنما كان حسبه أن يقول : ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يحاربوا{[50351]} المشركين . ومعنى{[50352]} قول سيبويه على الصحة ، ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يُسلّموا على المشركين ، ولكن أمروا أن يَسْلموا منهم ويتبرءوا{[50353]} ثم نسخ ذلك الأمر بالحرب . ومعنى الآية : وعباد الرحمن الذين يرضاهم لنفسه عبادا : هم الذين يمشون على الأرض في سكون ، وتواضع ، وخشوع ، واستكانة . هذا هو ضد{[50354]} مشي{[50355]} المختال الفخور{[50356]} المرح الذي هو مذموم الحال .
ومعنى{[50357]} { وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما }{[50358]}[ 63 ] ، أي : {[50359]} إذا خاطبهم أهل الجهل من العصاة{[50360]} والكفار بالقبيح صانوا أنفسهم عن مساواتهم في القبيح ، قالوا قولا حسنا يسلمون{[50361]} به من مساواتهم في القبيح .
وهم{[50362]} الذين{[50363]} يبيتون لربهم : يصلون ويقولون كذا وكذا ، ما حكى الله عنهم .
قال أبو هريرة : هم الذين لا يتجبرون ولا يتكبرون .
وقيل معنى : { يمشون على الأرض هونا }[ 63 ] ، أي{[50364]} بالسكينة والوقار{[50365]} ، وغير مستكبرين ، ولا متجبرين ، ولا ساعين بفساد .
قال ابن عباس : يمشون بالطاعة والعفاف والتواضع{[50366]} .
وقال مجاهد : يمشون بالسكينة والوقار والحلم{[50367]} .
وقال زيد بن أسلم{[50368]} : التمست تفسير هذه الآية فلم أجدها عند أحد ، فأتيت في النوم فقيل لي : هم{[50369]} الذين لا يريدون يفسدون في الأرض .
وقال ابن زيد{[50370]} هم الذين لا يتكبرون في الأرض ، ولا يتجبرون ولا يفسدون ، وهو قوله تعالى : { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين{[50371]} لا يريدون{[50372]} علوا في الأرض ولا فسادا }{[50373]} .
وقال الحسن{[50374]} يمشون حلماء ، علماء ، لا يجهلون ، وإن جهل عليهم لم يجهلوا .
{ وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما }{[50375]}[ 63 ] ، إذا{[50376]} خاطبهم الجاهلون بالله بما / يكرهون{[50377]} من القول أجابوهم بالمعروف والسداد من الخطاب ، فقالوا : تسلما{[50378]} منكم وبراءة بيننا وبينكم .
قال الحسن{[50379]} : إن المؤمنين قوم ذلل ، ذلت والله منهم الأسماع ، والأبصار ، والجوارح ، حتى يحسبهم الجاهل{[50380]} مرضى ، وما بالقوم من مرض وإنهم لأصحاب القلوب ، ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم ، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة ، فلما وصلوا إلى بغيتهم قالوا : { الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن }{[50381]} ، والله ما حزنهم حزن الدنيا ، ولا تعاظم في أنفسهم بما طلبوا به الجنة : أبكاهم الخوف من النار ، وإنه من لا يتعزى بعزاء{[50382]} الله تقطع نفسه على الدنيا حسرات ومن لم ير لله عليه{[50383]} نعمة إلا في مطعم أو مشرب{[50384]} فقد قل عمله وحضر عذابه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.