ثم قال تعالى : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا } ( أي : بين الله لكم أيها الناس من الدين ما وصى به نوحا ){[60730]} أن يعمله .
{ والذي أوحينا إليك } يا محمد ، أي : وشرع لكم من الدين الذي أوحينا إليك يا محمد ، وهو كتاب الله عز وجل .
ثم قال تعالى : { وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين } أي : وشرع لكم من الدين أن أقيموا الدين .
( فأن ) في موضع نصب على البدل من ( ما ) في قوله : { ما وصى به نوحا } . فالتقدير : شرع لكم أن أقيموا الدين{[60731]} .
ويجوز أن يكون ( أن ){[60732]} في موضع ( رفع على معنى هو : أن أقيموا الدين{[60733]} .
ويجوز أن تكون في موضع خفض على البدل من الهاء في{[60734]} ( به ) ){[60735]} قال أبو العالية : الذي وصى به نوحا الإخلاص لله عز وجل ، وعبادته لا شريك له .
قال الحكيم{[60736]} : جاء نوح{[60737]} بالشريعة وتحريم الأمهات والبنات والأخوات{[60738]} .
وقال قتادة : جاء نوح بالشريعة بتحليل الحلال وتحريم الحرام{[60739]} .
وقوله : { أن أقيموا الدين } : معناه : اعملوا به على ما شرع لكم وفرض عليكم .
وقال السدي : اعملوا{[60740]} ولا تتفرقوا فيه ( فتختلفوا فيه ){[60741]} كما اختلف الأحزاب من قبلكم{[60742]} .
فتحقيق المعنى في [ الآية : { شرع لكم } ]{[60743]} أن أقيموا{[60744]} [ لله الدين ]{[60745]} الذي ارتضاه لأنبيائه ، ولا تتفرقوا فتؤمنوا ببعض الرسل وتكفروا ببعض . وهذا الدين هو الإسلام .
ومذهب أكثر المفسرين أن نوحا صلى الله عليه وسلم أول من جاء بالشريعة من تحريم الأمهات ، والبنات ، والأخوات ، والعمات{[60746]} .
ثم قال تعالى : { كبر على المشركين ما تدعوهم إليه } أي : عظم يا محمد على المشركين من قومك ما تدعوهم إليه من الإخلاص لعبادة الله عز وجل ، والإقرار له بالألوهية ، والبراءة مما سواه من الألهة .
وقال قتادة : كبر على المشركين شهادة ألا إله إلا الله{[60747]} .
ثم قال تعالى : { الله يجتبي إليه من يشاء } أي : يصطفي لدينه من يشاء من خلقه ، ويختار لولايته ودينه من أحب ، قال السدي : يستخلص من يشاء ، وقال أبو العالية : يخلص من الشرك من يشاء .
والتقدير : الله يجتبي إليه من يشاء أن يجتبيه .
ثم قال تعالى : { ويهدي إليه من ينيب } أي : ويوفق للعمل بطاعته من يتوب إليه من الشرك .
وقوله : { وعيسى } وقف إن جعلت ( أن أقيموا ) في موضع رفع على الابتداء ، فإن جعلت ( أن ) بدلا مما قبله لم تقف{[60748]} إلا على { في } أو على : { إليه }{[60749]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.