غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{۞شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِينَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَيۡهِۚ ٱللَّهُ يَجۡتَبِيٓ إِلَيۡهِ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِيٓ إِلَيۡهِ مَن يُنِيبُ} (13)

1

{ شرع لكم } أي أوجب وبين لأجلكم { من الدين ما وصى به نوحاً } وهو أقدم الأديان بعد الطوفان { والذي أوحينا إليك } وهو ختمها { وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى } وهي الملل المعتبرة المتوسطة . ثم فسر المشروع الذي اشترك هؤلاء الأكابر من رسله فيه بقوله { أن أقيموا الدين } الحنيفي ومحله نصب بدلاً من مفعول { شرع } أو رفع على الاستئناف كأنه قيل : وما ذلك المشروع ؟ فقيل : هو إقامة الدين . يعني إقامة أصوله من التوحيد والنبوة والمعاد ونحو ذلك دون الفروع التي تختلف بحسب الأوقات لقوله { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً } [ المائدة : 48 ] وفي بناء الكلام على الغيبة ثم الالتفات إلى التكلم في { أوحينا } والخطاب في { إليك } تفخيم شأن الرسول صلى الله عليه وسلم .

ثم حكى حسد أهل الشرك بقوله { كبر على المشركين } أي شق وعظم عليهم ما تدعوهم إليه من الدين المبرأ من عبادة غير الله . ثم أجاب عن شبهتهم بأن الاجتباء والاصطفاء يتعلق بمشيئة الله لا بتمني كل واحد ولا بكثرة المال والجاه . يقال : اجتباه إليه أي اصطفاه لنفسه ، والتركيب يدل على الجمع والضم ، ويحتمل أن يراد يجتبي إلى الدين .

/خ1