الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَقَلَّتۡ سَحَابٗا ثِقَالٗا سُقۡنَٰهُ لِبَلَدٖ مَّيِّتٖ فَأَنزَلۡنَا بِهِ ٱلۡمَآءَ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِۚ كَذَٰلِكَ نُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (57)

قوله : { وهو الذي يرسل الرياح نشرا [ بين يدي رحمته ]{[24014]} } ] ، الآية .

من قرأ { نشرا }{[24015]} فهو جمع " نشور " ، كقولك : " صبور " و " صبر " {[24016]} .

والريح النَّشُور : التي تأتي من هنا ومن هنا{[24017]} .

وقيل : { نشرا }{[24018]} مصدر . ومن أسكن الشين فعلى هذا المعنى يكون ، إلا أنه [ أسكن ]{[24019]} ] [ الشين{[24020]} ] استخفافا{[24021]} .

ومن قرأ { نشرا } [ بفتح النون{[24022]} ] ، فهو مصدر نشرت [ الريح{[24023]} ] السحاب وانتشرته{[24024]} نشرا ، كما قال : " والناشرات نشرا{[24025]} " ، فتقديره : وهو الذي يرسل الرياح ناشرة السحاب{[24026]} ، فهو مصدر في موضع الحال{[24027]} .

وقيل{[24028]} : " النشر " : الريح الطيبة اللينة [ التي{[24029]} ] تنشئ السحاب{[24030]} .

ومن قرأ ( بشرا ) بالباء{[24031]} ، فهو جمع بشير ، مخفف ، كرغيف ورغف{[24032]} .

وقيل هو : مصدر{[24033]} ، أي : تبشر بالمطر{[24034]} .

{ سقناه }[ 57 ] .

" الهاء " تعود على السحاب ، وهو يؤنث ويذكر{[24035]} ، وكذلك كل شيء بينه وبين واحده " الهاء " {[24036]} .

ومعنى الآية : وربكم{[24037]} الذي خلق السموات والأرض وما ذكر ، { هو الذي يرسل الرياح نشرا{[24038]} } .

" والنشر " من الرياح : الريح الطيبة اللينة التي تنشر السحاب{[24039]} .

ومن قرأ { نشرا } ، بضمتين ، أي : يرسلها تهب من كل ناحية{[24040]} .

ومعنى الكلام : والله الذي يرسل الرياح من كل ناحية { بين يدي رحمته }[ 57 ] . والرحمة : المطر{[24041]} .

{ حتى إذا أقلت سحابا }[ 57 ] .

أي : أقلت الرياح سحابا ، يقال : أقل البعير حمله إذا{[24042]} حمله واستقل به{[24043]} .

{ سقناه } ، أي : سقنا السحاب إلى بلد ميت ، قد أجدب{[24044]} أهله ، وعفّت مزارعه{[24045]} ، { فأخرجنا }[ 57 ] ، بالمطر من الأرض من كل الثمرات{[24046]} .

وقوله : { فأنزلنا به }[ 57 ] . " الهاء " للبلد{[24047]} .

{ فأخرجنا به } . أي : بالماء [ أو بالبلد ]{[24048]} .

{ لعلكم تذكرون }[ 57 ] . أي : لتكونوا على رجاء من التذكر .

وقوله : { كذلك نخرج الموتى }[ 57 ] . أي : كما نحيي هذا البلد الميت بالماء{[24049]} ] ، كذلك نحيي{[24050]} الموتى بعد موتهم{[24051]} .

قال أبو هريرة : إن الناس إذا ماتوا في النفخة الأولى ، مطر عليهم من ماء تحت العرش يدعى " الحيوان " أربعين سنة ، فينبتون كما ينبت الزرع ( بالماء{[24052]} ) . فإذا استكملت أجسادهم نفخ فيهم{[24053]} الروح{[24054]} .

قال ابن مسعود : يرسل الله ماء من تحت العرش كمني الرجال ، وليس من بني آدم خلق في الأرض إلا منه شيء ( قد بقي في الأرض{[24055]} ) فتنبت جسما لهم ولحما لهم من ذلك الماء ، كما تنبت الأرض من المطر . ثم قرأ إلى قوله : { كذلك نخرج{[24056]} الموتى لعلكم تذكرون } .

وروى أبو سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه " {[24057]} ، فقيل : وما هو يا رسول الله ؟ قال{[24058]} : " مثل حبة خردل{[24059]} منه تنشئون{[24060]} " .


[24014]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[24015]:بضم النون والشين، وهي قراءة نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، كما في إعراب القراءات السبع وعللها1/186، وحجة القراءات لأبي زرعة 285. وانظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع 1/465.
[24016]:حجة القراءات 285، تمام نصه: "وعجوز وعُجُز، ورسول ورسل". انظر: الكشف 1/465.
[24017]:قال الطبري في جامع البيان 12/491: "وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: معناها إذا قرئت كذلك: أنها الريح التي تهب من كل ناحية، وتجيء من كل وجه". انظر: مجاز القرآن 1/217، وحجة القراءات لأبي زرعة 285.
[24018]:في الأصل: نشر، وهو تحريف.
[24019]:زيادة من ج.
[24020]:زيادة من الكشف 1/466.
[24021]:وزاد في الكشف 1/466: كرسول ورسل، وكتاب وكتب، والضم هو الأصل في ذلك كله". وهي قراءة ابن عامر. السبعة في القراءات 283، والكشف 1/465. وبها قرأ الحسن وقتادة، وآخرون. انظر: المحرر الوجيز 2/412. وتفسير القرطبي 7/146، والبحر المحيط 4/320.
[24022]:وسكون الشين، كما في مصادر التوثيق أسفله. وما بين الهلالين ساقط من ج. وهي قراءة حمزة، والكسائي. السبعة في القراءات 283، والكشف 1/465، وحجة القراءات 285، وإعراب القراءات السبع وعللها 1/186. وانظر: المحرر الوجيز 2/412.
[24023]:زيادة من حجة القراءات لأبي زرعة 285، ففيه: "وقال آخرون: يجوز أن يكون قوله: (نشرا) مصدر نشرت الريح السحاب نشرا". وانظر: الكشف 1/466. كذا الأصل، وفي ج فوقه: رأس صاد صغيرة، علامة التمريض.
[24024]:كذا الأصل، وفي ج فوقه: رأس صاد صغيرة، علامة التمريض.
[24025]:المرسلات آية 3. وفي حجة القراءات لأبي زرعة 286: "قال أبو عبيدة: وحجته في هذه القراءة قوله: {والناشرات نشرا}، انظر: إعراب القراءات السبع وعللها 1/186.
[24026]:حجة القراءات 285.
[24027]:انظر: مزيدا من التفصيل على حجة هذه القراءة في الكشف عن وجوه القراءات السبع 1/466.
[24028]:هو قول الفراء.
[24029]:زيادة من معاني القرآن.
[24030]:معاني القرآن 1/381، وانظر: جامع البيان 12/490.
[24031]:مضمومة وإسكان الشين. كما في الكشف 1/465. وهي قراءة عاصم بن أبي النجود. الكشف 1/465، وكتاب السبعة في القراءات 273، وإعراب القراءات السبع وعللها 1/187، وانظر: المحرر الوجيز 2/412، وتفسير القرطبي 7/146، والبحر المحيط 4/320.
[24032]:انظر: الكشف 1/466، وجامع البيان 12/490، 491، وحجة القراءات لأبي زرعة 86.
[24033]:في الأصل: مدر، وهو تحريف.
[24034]:انظر: الكشف 1/466، وجامع البيان 12/491، وحجة القراءات 286.
[24035]:انظر: اللسان/سبل، والقصيدة الموشحة 130.
[24036]:إعراب القرآن للنحاس 2/133، وتفسير القرطبي 7/146، بتصرف يسير، وتمامه: "ويجوز نعته بواحد، فتقول سحاب ثقيل وثقيلة".
[24037]:وفي جامع البيان 12/490،: إن ربكم.
[24038]:في ج، "بَشْراً"، بفتح الباء وسكون الشين، وهي قراءة شاذة. انظر: المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات 1/255، وإعراب القراءات الشواذ 1/458، وفيه: "من بَشَرْته بَشْراً: بمعنى بشرته".
[24039]:مضى تفسيره وتخريجه.
[24040]:انظر: ما سلف قريبا.
[24041]:جامع البيان 12/492، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1502، وعزاه إلى السدي، والمحرر الوجيز 2/413، والدر المنثور 3/477، وعزاه للسدي.
[24042]:في الأصل: إذ، وهو تحريف. وصوابه من ج وجامع البيان.
[24043]:جامع البيان 12/492، بتصرف.
[24044]:في الأصل: قد أجدبت أهله، وأثبت ما في ج، وجامع البيان.
[24045]:جامع البيان 12/492، بتصرف.
[24046]:المصدر نفسه، بتصرف يسير.
[24047]:تفسير هود بن محكم الهواري 2/24، وينظر المحرر الوجيز 2/413، وتفسير القرطبي 7/147، والبحر المحيط 4/321.
[24048]:انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج 2/345، وزاد المسير 3/219.
[24049]:زيادة من ج.
[24050]:في الأصل: يحيي، ولعلها في ج ما أثبت.
[24051]:جامع البيان 12/493، بتصرف.
[24052]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[24053]:في ج: فيها.
[24054]:جامع البيان 12/493، 494، وتفسير البغوي 3/239، والمحرر الوجيز 2/414، بتصرف.
[24055]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[24056]:في الأصل: تخرج، بالتاء المثناة من فوق، وهو تصحيف محض.
[24057]:في الأصل: إلا عجب ذنب، وهو تحريف.
[24058]:في ج: فقال.
[24059]:في ج: من خردل منه ينشئون.
[24060]:في الأصل: بعد كلمة: "تنشئون": "ثم الجزنى"، كذا رسم الناسخ. وأحسبه تحريفا، صوابه: "تم الجزء". والحديث أخرجه ابن حبان في صحيحه 7/409، رقم 3140، كتاب الجنائز، فصل في أحوال الميت في قبره.