الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأۡوِيلَهُۥۚ يَوۡمَ يَأۡتِي تَأۡوِيلُهُۥ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشۡفَعُواْ لَنَآ أَوۡ نُرَدُّ فَنَعۡمَلَ غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ قَدۡ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (53)

قوله : { أو نرد }[ 53 ] ، معطوف على [ قوله{[23895]} ] : { من شفعاء }[ 53 ] ، أي : أو هل{[23896]} نرد{[23897]} .

وقرأ ابن أبي إسحاق : " أو نرد " ، بالنصب{[23898]} ، على معنى : إلا أن نرد ، كما قال{[23899]} :

. . . . . أو نموت فنعذرا{[23900]}

وقوله { فنعمل }[ 53 ] ، جواب{[23901]} لقوله : { أو نرد } ، أو عطف عليه ، على قراءة من نصب ( " نرد " ){[23902]} .

وقرأ الحسن : " أو نرد فنعمل " ، بالرفع فيهما{[23903]} ، على ( لفظ{[23904]} ) العطف على " نُرد " {[23905]} . ورفع " نرد " على الاستفهام كما ذكرنا{[23906]} .

وقوله : { هل ينظرون إلا تاويله }[ 53 ] .

/أي : إلا ما وعدوا{[23907]} به في القرآن من العذاب .

و{ ينظرون } ، بمعنى : ينتظرون{[23908]} .

قال قتادة : { تاويله } ، عاقبته{[23909]} .

وقال مجاهد : جزاءه{[23910]} .

{ يوم ياتي تاويله }[ 53 ] ، أي : جزاؤه ، { يقول{[23911]} الذين نسوه من قبل }[ 53 ] ، أي : تركوه في الدنيا ، { قد جاءت رسل ربنا بالحق }{[23912]} .

وقال ابن زيد : { تاويله } حقيقته{[23913]} ، أي : حقيقة القرآن فيما أوعدهم من العقاب .

قال السدي : { الذين نسوه } ، تركوه في الدنيا ، لما رأوا ما أوعدهم أنبياؤهم ، استيقنوا بالهلاك{[23914]} ، وطلبوا الشفعاء والرجعة إلى الدنيا{[23915]} .

{ قد خسروا أنفسهم }[ 53 ] .

أي : غَبَنوا أنفسهم حظوظها ببيعهم{[23916]} ما ذكر لهم من نعيم الآخرة الدائم بالخسيس من عرض الدنيا الزائل{[23917]} .

{ وضل عنهم ما كانوا يفترون }[ 53 ] .

أي : أولياؤهم في الدنيا{[23918]} .

وقال بعض أهل اللغة{[23919]} معناه{[23920]} : هل ينظرون إلى ما يؤول إليه أمرهم من البعث ، وعلى هذا تأولوا قول الله : { وما يعلم تاويله إلا الله }[ آل عمران : 7 ] أي : لا يعلم وقت البعث إلا الله ، ثم قال تعالى : { والراسخون في العلم يقولون آمنا به }{[23921]} .

و " النسيان " في هذا{[23922]} الموضع{[23923]} على معنيين :

-يجوز أن يكون معناه : فلما أعرضوا عنه صاروا بمنزلة من نسي{[23924]} الشيء .

-والثاني : أن يكون بمعنى الترك{[23925]} .


[23895]:زيادة من ج.
[23896]:في ج: وهل، وهو تحريف.
[23897]:قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه 2/342: "{أو} نسق على قوله: {من شفعاء}، كأنهم قالوا: هل يشفع لنا شافع أو هل نرد".
[23898]:إعراب القرآن للنحاس 2/130، والمختصر في شواذ القرآن 49، والمحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات 1/251، والكشاف 2/105، والمحرر الوجيز 2/408، وتفسير القرطبي 7/139، والبحر المحيط 4/308.
[23899]:امرؤ القيس. والشاهد بتمامه: فقلت له لا تبك عينك إنما *** نحاول مُلكا..............
[23900]:ديوانه، وهو من شواهد الكتاب 3/47، والمقتضب 2/28، وكتاب الجمل في النحو للزجاجي 186، وكتاب اللامات له 68، والخصائص 1/263، واللمع 190، والمحرر الوجيز 2/408، وتفسير القرطبي 7/139. وانظر: في تخريجه أيضا: معجم شواهد العربية 1/138، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية 1/315. والشاهد فيه: نصب "نموت" بإضمار "أن"؛ لأنه لم يرد في البيت معنى العطف؛ وإنما أراد أن يحاول طلب الملك إلا أن يموت، فيعذره الناس. ويروى: "فنَعذرا"، أي نبلغ العذر. هامش تحقيق عبد السلام هارون: الكتاب 3/47.
[23901]:في الأصل: جوابا....، أو عطفا. وأثبت ما في ج.
[23902]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23903]:إعراب القرآن للنحاس 2/130، والمختصر في شواذ القرآن 49، والمحرر الوجيز 2/408، والبحر المحيط 4/308، وانظر: المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات 1/252.
[23904]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23905]:في الأصل: مرد، وهو تحريف، وصوابه من ج.
[23906]:قال في مشكل إعراب القرآن 1/293،: "قوله: {أو نرد}، مرفوع عطف على الاستفهام على معنى: أو هل نرد؛ لأن معنى هل لنا من شفعاء: هل يشفع لنا أحد أو هل نرد فعطفته على المعنى". انظر: جامع البيان 12/482.
[23907]:في الأصل: "إلا ما وعدى به"، هو تحريف، وصوابه من إعراب القرآن للنحاس 2/130، وتفسير القرطبي 7/139.
[23908]:المحرر الوجيز 2/407، وتفسير القرطبي 7/139. وانظر: جامع البيان 12/478.
[23909]:تفسير عبد الرزاق الصنعاني 2/230، وجامع البيان 12/478، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1494، وتفسير القرطبي 7/139، والدر المنثور 3/740. وساقه المؤلف بلا عزو، في تفسير المشكل من غريب القرآن 172.
[23910]:التفسير 338، وتفسير هود بن محكم الهواري 2/23، وجامع البيان 12/479، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1494، وتفسير القرطبي 7/139، والدر المنثور 3/470.
[23911]:في الأصل: يقال الذين....، وهو تحريف ناسخ.
[23912]:هنا إيجاز يوضح بما في جامع البيان 12/480. وانظر: تفسير هود بن محكم الهواري 2/23.
[23913]:انظر: جامع البيان 12/479، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1494، والدر المنثور 3/471.
[23914]:في الأصل: بالهلاك، بكسر الهاء.
[23915]:انظر: جامع البيان 12/480، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1495.
[23916]:في الأصل: ببيغهم، هو تصحيف.
[23917]:جامع البيان 12/481.
[23918]:انظر: جامع البيان 12/481.
[23919]:هو: أبو إسحاق الزجاج.
[23920]:أي: معنى قوله تعالى: {هل ينظرون إلا تاويله}.
[23921]:معاني القرآن وإعرابه 2/341.
[23922]:في الأصل: هذه.
[23923]:في ج: في هذه المواضع.
[23924]:في الأصل: "أنس" وهو تحريف. وأحسبه في ج، "نسي". وأثبت ما في معاني القرآن للزجاج الذي نقل عنه مكي.
[23925]:معاني القرآن للزجاج 2/341، 342.