تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَإِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (117)

الآية 117 وقوله تعالى : { بديع السماوات والأرض } ابتدعهما ، ولم يكونا شيئا ، والبديع والمبدع [ والمبتدع ]{[1377]} واحد ، وهو الذي لم يسبقه أحد في إنشاء مثله ، ولذلك{[1378]} سمي صاحب الهوى مبتدعا لما لم يسبقه في مثل{[1379]} فعله أحد . ثم فيه الحجة على هؤلاء الذين قالوا : { اتخذ الله ولدا } [ البقرة : 116 ] [ بوجهين :

الأول : أن يقال ]{[1380]} : من قدر على خلق السماوات والأرض من غير شيء ولا سبب كيف لا يقدر على خلق عيسى من غير أب ؟

والثاني : أن يقال من له القدرة على خلق ما يصعب ، ويعظم في أعينكم بأقل الأحرف عندكم كيف لا يقدر على خلق عيسى من غير أب ؟

وقوله : { وإذا قضى أمرا } قيل{[1381]} : وإذا حكم حكما{[1382]} : { فإنما يقول له كن فيكون } [ وقيل : { وإذا قضى أمرا } ]{[1383]} يعني قضى بإهلاك قوم واستئصالهم ( فإنما يقول له كن فيكون ) .

ثم قوله : { كن فيكون } ليس هو قول{[1384]} من الله أن { كن } بالكاف والنون ، ولكنه عبارة بأوجز كلام يؤدي المعنى التام المفهوم ؛ إذ ليس في لغة العرب كلام التحقيق بحرفين يؤدي المعنى المفهوم بأوجز من هذا ، وما سوى [ هذا ]{[1385]} فهو من الصلات والأدوات ، فلا يفهم معناها ، والله أعلم .

ثم الآية ترد على من يقول بأن الشيء هو ذلك الشيء نفسه لأنه قال : { وإذا قضى أمرا } ذكر { قضى } ، وذكر { أمرا } ، وذكر { كن فيكون } ؛ ولو كان التكوين والمكون واحدا لم يحتج إلى ذكر { كن } في موضع العبارة{[1386]} عن التكوين ؛ قال { كن } تكوينه { فيكون } المكون ، فيدل أنه غيره .

ثم لا يخلو التكوين : إما أن لم يكن ، فحدث ، [ وإما أن ]{[1387]} كان في الأزل . فإن لم يكن فحدث ؛ [ وإما أن يحدث ]{[1388]} بنفسه ، ولو جاز ذلك في شيء لجاز في كل شيء ، وإما{[1389]} بإحداث آخر فيكون إحداثا{[1390]} بإحداث إلى ما لا نهاية له ، وذلك فاسد . ثبت{[1391]} أن الإحداث والتكوين ليس بحادث وأن الله تعالى موصوف في الأزل أنه محدث مكون فيكون كل شيء في الوقت الذي أراد كونه فيه ، وبالله التوفيق .


[1377]:- من ط ع.
[1378]:- من ط م، في الأصل و ط ع: وكذلك.
[1379]:- من ط م و ط ع، في الأصل: مثله.
[1380]:- في الأصل: يقولون، في ط م و ط ع: يقول.
[1381]:- أدرج في ط م قبل هذه الكلمة تتمة الآية.
[1382]:- أدرج بعدها في الأصل و ط م: وقيل، وفي ط ع: وقوله.
[1383]:- من ط ع.
[1384]:- ساقطة من ط ع.
[1385]:- من ط م.
[1386]:- في ط م: العبادة.
[1387]:- في النسخ الثلاث: أو.
[1388]:- في الأصل و ط ع: فإما حدث، في ط م: فأما أن يحدث.
[1389]:- في النسخ الثلاث: أو.
[1390]:- في النسخ الثلاث: إحداث.
[1391]:- في ط م: يثبت.