تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن يَدۡخُلُوهَآ إِلَّا خَآئِفِينَۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (114)

الآية 114 وقوله تعالى : { ومن أظلم } يقول : لا أحد أظلم لنفسه ولا أوضع لها . [ وقوله ]{[1333]} : { ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه } [ اختلف فيه : قيل : ]{[1334]} مساجد الله الأرض كلها لأن الأرض [ كلها ]{[1335]} مساجد الله كقوله صلى الله عليه وسلم " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " [ البخاري 335 ] منع [ أهل الكفر ]{[1336]} أهل الإسلام ان يذكروا فيها اسم الله [ وأن يظهروا ]{[1337]} فيها دينه .

وقوله : { وسعى في خرابها } وهو كقوله : { ويسعون في الأرض فسادا } [ المائدة : 33 و 64 ] . ويخرج قوله : { أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين } أي لا يدخلون البلدان والأمصار إلا بالخوف أو بالعهد كقوله : { إلا بحبل من الله وحبل من الناس } [ آل عمران : 112 ] وهو العهد . ويحتمل قوله : { ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين } ما{[1338]} كان ينبغي لهم بما عليهم من حق الله وتعظيمه أن يدخلوا المساجد إلا خائفين وجلين لما كانت هي بقاع اتخذت لعبادة [ الله تعالى ]{[1339]} ، ونسبت إليه تعظيما لها . فدخلوا مخربين لها مانعين أهلها من عبادة الله فيها .

وقيل : { مساجد الله } المسجد{[1340]} الحرام ؛ وذلك أنهم حالوا بينها وبين دخول محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيها حتى رجعوا من عامهم ذلك ، ثم فتح الله عز وجل مكة لهم ، فصار لا يدخل مشرك فيها إلا خائفا كقوله عز وجل { إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } [ التوبة : 28 ] .

وقيل : أراد بمساجد الله بيت المقدس ؛ قيل : إن النصارى استعانوا ب : بختنصر ، وهو رئيس المجوس حتى خربوا المساجد ، وقتلوا من فيها من أهل الإسلام ، [ ثم بنى أهل الإسلام ]{[1341]} بعد ذلك بزمان مساجد ، فكان{[1342]} لا يدخل نصراني فيها إلا خائفا مستخفيا ، والله أعلم .

وقوله : { لهم في الدنيا خزي } قيل : الخزي الجزية ، ويحتمل : القتال{[1343]} { ولهم في الآخرة عذاب عظيم } .


[1333]:- من ط م.
[1334]:- من ط م، في ط ع: ثم اختلف في قوله: (مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) ساقطة من الأصل.
[1335]:- من ط م.
[1336]:- ساقطة من ط ع.
[1337]:- في ط ع: ويظهروا.
[1338]:- أدرج قبله في ط ع: أي.
[1339]:- من ط م و ط ع.
[1340]:- من ط م و ط ع، في الأصل: مسجد الحرام.
[1341]:- من ط م.
[1342]:- من ط م: في الأصل و ط ع: وكان.
[1343]:- في ط م: اقتتال، في ط ع أدرجت العبارة: قيل الخزي.. القتال بعد تتمة الآية.