تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ} (115)

الآية 115 وقوله تعالى : { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله } قيل : إن رهطا [ من ]{[1344]} أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا سفرا ، وذلك قبل أن يصرف{[1345]} القبلة إلى الكعبة ، فحضر وقت الصلاة ، فاشتبه عليهم ، فتحروا ؛ فمنهم من صلى إلى المشرق ، ومنهم من صلى إلى المغرب ؛ صلوا إلى جهات مختلفة ؛ فلما بان لهم ذلك قدموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوا عن ذلك ، فنزلت الآية : { فأينما تولوا فثم وجه الله } .

وهذا يرد على الشافعي قوله ؛ لأنه يقول : ( إن صلى إلى جهة القبلة يجوز ، وإلا فلا ) . وليس في الآية ذكر جهة دون جهة ، بل فيها ذكر المشرق والمغرب ، وكذلك في الخبر ذكر المشرق والمغرب ، فخرج قوله على ظاهر الآية ، وهذا عندنا في الاشتباه والتحري ، وأما عند القصد فهو قوله : { فولوا وجوهكم شطره } [ البقرة : 144 و 150 ] .

وروي عن ابن عمر رضي الله عنه أن قوله : { ولله المشرق والمغرب } الآية نزلت في النوافل والأسفار . ولكن عندنا على ما ذكرنا في الكل ، والله أعلم .

وقوله : { فتم وجه الله } اختلف فيه : قيل : ثم وجه الله ، يعني ثم ما قصدتم وجه الله ، وقيل : [ ثم وجه الله ]{[1346]} ثم قبلة الله ، وقيل : { فثم وجه الله } ]{[1347]} ثم الله على ما ذكرنا من جواز التكلم بالوجه على إرادة الذات{[1348]} ، أي ليس هو عنهم بغائب ، وقيل : [ { فثم وجه الله } أي ]{[1349]} ثم رضا الله ، وقيل : [ { فثم } ]{[1350]} ما ابتغيتم به { وجه الله } ، وقيل فيه : ثم وجه الذي وجهكم إليه إذا{[1351]} لم يجئ منكم التقصير كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكل الناسي " إنما أطعمك الله وسقاك " [ أحمد 2/ 425 ] وقيل فيه : ثم بلوغكم ما{[1352]} قصدتم بفعل الصلاة من وجه الله ورضاه ؛ أي ظفرتم{[1353]} به .

ثم{[1354]} الغرض في القبلة ليس إصابة عينها ، ولكن أغلب الظن وأكبر الرأي أنه{[1355]} ليس لنا إلى إصابة عينها سبيل ؛ إذ سبيل معرفتها بالاجتهاد لا{[1356]} باليقين والإحاطة ؛ ليس كالمياه والأثواب وغيرها من الأشياء [ لأن هذه الأشياء ]{[1357]} في الأصل طاهرة والنجاسة /17-ب/ عارضة ، فيظفر بأعينها على ما هي في الأصل . وأما أمر القبلة فإنما بني على الاجتهاد والقصد دون إصابة{[1358]} عينها ، والله أعلم .

وقوله : { إن الله واسع عليم } قيل : { واسع } الغني ، وقيل { واسع } الجواد حين جاد عليهم بقبول ما ابتغوا به وجه الله وحين وسع عليهم أمر القبلة { عليم } بما قصدوا ، ونووا .


[1344]:- من ط م و ط ع.
[1345]:- في ط م: تصرف.
[1346]:- من ط ع.
[1347]:- ساقطة من ط م.
[1348]:- في تفسير الآية: 112.
[1349]:- من ط ع.
[1350]:- من ط م و ط ع.
[1351]:- من ط م و ط ع، في الأصل: إذا.
[1352]:- من ط م، في الأصل و ط ع: مما.
[1353]:- في ط ع: غفرتم.
[1354]:- أدرج في ط ع قبل هذه الكلمة العبارة التالية: الغرض من القبلة، وجعلت عنوانا.
[1355]:- في النسخ الثلاث: لأنه.
[1356]:- من ط م، في الأصل و ط ع: ولا.
[1357]:- من ط م و ط ع.
[1358]:من ط م و ط ع، في الأصل: أصلية.