تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞لَّيۡسَ عَلَيۡكَ هُدَىٰهُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۗ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلِأَنفُسِكُمۡۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ ٱللَّهِۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ} (272)

الآية 272 وقوله تعالى : { ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء } أخبر أنه ليس عليه هداهم ، وعليه البيان والتبليغ ، فدل أن هناك فضل هدى لا يملك هو ذلك ، وهو التوفيق على الهدى والتحقيق له .

وهذا يرد على المعتزلة ، ويكذبهم : أن كل الهدى البيان . /50-أ/ ولو كان كل الهدى بيانا لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يملك ذلك ؛ إذ عليه البيان ، فدل أنه لا ملك الهدى المراد في الآية ، فهو على ما ذكرناه من التوفيق .

ويحتمل قوله : { ليس عليك هداهم } أي حساب ترك اهتدائهم كقوله : { ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء } [ الأنعام : 25 ] و : { فإما عليك البلاغ } [ آل عمران : 20 و . . ] .

وقوله تعالى : { وما تنفقوا من خير فلأنفسكم } ؛ { من خير } أي مال{[3378]} { فلأنفسكم } يعني فلأنفسكم الثواب . قيل : قوله{[3379]} : { فلأنفسكم } يعني منفعته لكم .

وفي قوله : { وما تنفقوا من خير فلأنفسكم } دلالة على أنهم كانوا يتحرجون بالتصدق على أقربائهم من الكفار خشية ما يقع من التعاون على ما اعتدوا من الدين ؛ إذ المكاسب لكل أهل دين إنما يقع من العقلاء مكان ما ينفقون به لأجل الدين . يقع من التعاون على ما اعتدوا من الدين ؛ فبين ، جل ، وعلا ، أن ذلك يقع لكم ولأنفسكم وتكفير ما ارتكبتم .

ثم في الآية دلالة جواز الصدقة على الكفار ودليل جواز دفع الكفارات إليهم بقوله{[3380]} : { وما تنفقوا من خير فلأنفسكم } فهو دليل لأصحابنا لأنه جعل هذه الصدقة مكفرة .

وقوله تعالى : { وما تنفقوا من خير يوف إليكم } يعني يوف عليكم ثواب صدقاتكم ، وإن كان التصدق على الكفرة .

وقوله تعالى : { وأنتم لا تظلمون } في حرمان الثواب والجزاء .


[3378]:في م: أعمال.
[3379]:ساقطة من ط ع.
[3380]:من ط ع، في الأصل م: يقول.