الآية 30 وقوله تعالى : { فأقم وجهك للدين حنيفا } قال بعضهم : هذا الخطاب لرسول الله لأنه ذكر الآيات في ما تقدم حيث قال : { ومن آياته } [ الروم : 20 ، . . ] كذا وكذا ، ثم ذكر الذين أتبعوا أهواءهم بغير علم ، ثم قال لرسوله( {[16010]} ) : { فأقم وجهك } أنت { للدين حنيفا } .
قال الشيخ ، رحمه الله : وعندنا أي الخطاب به وبمثله لكل أحد كقوله : { قل يا أيها الكافرون } [ الكافرون : 1 ] [ وقوله ] ( {[16011]} ) : { قل هو الله أحد } [ الإخلاص : 1 ] كأنه يخاطب كل من انتهى إليه هذا : أن { قل هو الله أحد } { وقل يا أيها الكافرون } فعلى هذا قوله : { فأقم وجهك للدين حنيفا } هو لكل أحد .
أحدهما : أقم : أي داوم جهدك وقصدك .
والثاني : أقم : أتمم ، وأقم ما ذكرنا .
[ وقوله تعالى ]( {[16012]} ) : { للدين حنيفا } قال بعضهم : الحنيف من حَنَفِ القدم( {[16013]} ) وميله ؛ معناه : كن مائلا على الدين في كل حال وكل وقت . وقال بعضهم : هو من الإخلاص والإسلام له( {[16014]} ) .
ثم فسر ذلك ، فقال : [ { فطرة الله التي فطر الناس عليها } هذا يحتمل وجوها :
[ أحدها : ] ( {[16015]} ) ]( {[16016]} ) { فطرة الله } أي معرفة الله التي جبل الناس عليها : أن يكون الله يجعل في كل صغير وطفل من المعرفة ما يعرف /412-ب/ وحدانية ربه وربوبيته على ما جعل لهم من المعرفة ما فيه غذاؤهم وقوامهم من أخذ ثدي أمهاتهم في حال [ صغرهم وطفوليتهم ]( {[16017]} ) . ولذلك يخرج قوله [ صلى الله عليه وسلم ]( {[16018]} ) : ( كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، وينصرانه ) [ البخاري : 1385 ] على ما جعل في الجبال من معرفة التسبيح لربها والتحميد ، لكن أبويه يشبهان ذلك عليه ، ويصرفانه .
والثاني : فطرهم ، وجبلهم ما لو تركوا وعقولهم لكانوا على [ ما ]( {[16019]} ) جبلوا ، وفطروا ، إذ فطر كل( {[16020]} ) منهم ، وجعل في خلقة كل دلالة وحدانية الله وربوبيته . وكذلك قوله : ( كل مولود يولد على الفطرة ) [ البخاري 1385 ] أي على الخلقة التي تدل ، وتشهد على وحدانية الله وربوبيته ما لو تركوا ، وخلي بينهم وبين عقولهم لأدركوا .
والثالث : فطرهم على ما يحتملون الامتحان .
وقوله تعالى : { لا تبديل لخلق الله } قال عامة أهل التأويل : لا تبديل لدين الله ، سماه خلقا .
وعلى قول المعتزلة لأنهم يقولون بأن فعل العبد ليس بمخلوق ، ويحتالون في قوله : { لا تبديل لخلق الله } أي لا تبديل لما يقع به الدعاء إليه ، أو كلام نحو هذا .
فيقال : إن الدين هو ما يدين [ به ]( {[16021]} ) المرء ، وهو فعله ، مأخوذ من دان يدين . ثم أخبر أنه خلق الله . فدل أنه مخلوق . وجائز أن يكون قوله : { لا تبديل لخلق الله } أي لما فيه دلالة وحدانية الله وشهادة ربوبيته كقوله : { ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت } [ الملك : 3 ] أي( {[16022]} ) لا تفاوت في ما فيه دلالة الوحدانية والشهادة له ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ذلك الدين القيم } أخبر أن ذلك الدين القيم بالحجج والبراهين ، ليس كدين أولئك الكفرة إتباع الهوى ، أو أن يكون الدين القيم أي المستقيم على ما وصفه الله أنه الدين الحنيف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.