الآية 18 وقوله تعالى : { ولا تصعّر خدّك للناس ولا تمش في الأرض مرحا } قوله : { ولا تصعّر } ولا تصاعر : بالألف ، وبغير الألف ، كلاهما لغتان( {[16221]} ) .
ثم أهل التأويل ، أو أكثرهم يقولون : قوله : { ولا تصعّر خدّك للناس } أي لا تعرض بوجهك عن الناس تعظما وتجبرا وتكبرا ، وكذلك في قوله : { ولا تمش في الأرض مرحا } بطرا فرحا بالمعصية في الخيلاء والعظمة مستكبرا جبارا ؛ عامتهم يفسرون بالإعراض التكبر والتجبر . وكذلك يقول الحسن : إنه قال : هو الإعراض عن الناس من الكبر استحقارا لهم واستخفافا بهم .
والزجاج يقول : الصّعر ، هو داء يأخذ البعير ، فيلوي عنقه . فعلى تأويله يكون قوله : { ولا تصعّر خدك } أي لا تلو عنقك { عن الناس } .
وأبو عوسجة يقول قريبا من ذلك ، يقول : { ولا تصعّر } أي لا تتجبَّر ، وهو أن تلوي عنقك ، فلا تنظر إليهم كبرا ، ويقول : الصّعر هو اعوجاج في العنق ؛ يقال : رجل أصعر ، وبعير أصعر ، وبه صعر ، ويقال في الكلام : فلان صعّر خدّه ، إذا لوى رأسه عن الناس ، فلم ينظر إليهم كبرا منه ، وقال كما قال الزجاج : إن الصّعر داء يأخذ البعير ، فيلوي عنقه . وأصله الإعراض على ما ذكره أهل التأويل وأهل الأدب . ثم يخرّج على وجهين :
أحدهما : ما ذكر أهل التأويل من حقيقة الإعراض تكبرا وتعظيما لأنفسهم استخفافا بالناس واستحقارا لهم لما لم يروا الناس أمثالا وأشباها( {[16222]} ) لأنفسهم . وعلى ذلك يخرّج قوله تعالى : { ولا تمش في الأرض مرحا } على حقيقة المشي على التكبر والتجبر على ما ذكرنا .
والثاني : ليس على حقيقة الإعراض بالوجه عنهم ، ولا على حقيقة المشي بالأقدام ، ولكنه كناية عن الامتناع عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترك لذلك لا على التكبر والتجبر عليهم والاستخفاف بهم ، ولكن على الحذر والخوف منهم .
فإذا كان الامتناع والإعراض عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلم يعذروا في ترك ذلك لما يحذرون ، ويخافون منهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.