وقوله تعالى : { إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفر ولم يكن } عن ابن عباس رضي الله عنه ( أنه ){[6669]} قال : ( نزلت الآية في الذين قال الله تعالى في سورة /117-أ / آل عمران : { كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق } ؟ ( الآية 86 ) .
وقيل : إنها نزلت في الذين آمنوا بموسى عليه السلام ثم كفروا لعد موسى ، ثم آمنوا بعزيز ، ثم كفروا بعده ، ثم آمنوا بعيسى عليه السلام وبالإنجيل ، ثم كفروا من بعده { ثم ازدادوا كفرا } بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن الكريم ، وهو الأولى .
وقيل غير هذا . لكن ليس بنا إلى أنها فيهم نزلت حاجة ، ولكن فيه دليل أنها في قوم ، علم الله أنهم لا يؤمنون أبدا ، ولا يتوبون ، لأنه قال : { لمن يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا } أخبر أنه لا يغفر لهم ، وهو كقوله تعالى : { إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفر لن تقبل توبتهم }( آل عمران : 90 ) لما علم الله أنهم لا يتوبون ، وإلا لو آمنوا ، قبلت توبتهم . فعلى ذلك الأول لما علم أنهم لا يتوبون ؛ على ذلك أخبر أنه لا يغفر لهم .
وفيه دليل أن تقبل توبة المرتد إذا تاب ، ليس كما قال بعض الناس : إنه لا يقبل توبة المرتد لأنه أثبت لهم الإيمان بعدد الكفر والارتداد بقوله : { آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم } كذا ، فدل أنه إذا تاب تقبل منه .
وقال أصحابنا : يستتاب المرتد ثلاثا ، فإن أسلم ، وإلا قتل . روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( أنه ){[6670]} قال : ( يستتاب المرتد ثلاثا ، ثم تلا هذه الآية ) . وعن ابن عمر رضي الله عنه كذلك . ولحق المشركين ، فأخذناه . قال : ما صنعتم به ؟ قال{[6671]} : قتلناه . قال : هلا أدخلتموه بيتا ، وأغلقتم عليه بابا ؛ أطعمتموه كل يوم رغيفا ، واستتبتموه ثلاثا ؟ فإن تاب ، وإلا قتلتموه ، ثم قال : اللهم إني لم أشهد ، ولم آمر ، ولم أرض حين بلغني ) .
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : ( إذا ارتد ثلاثا ، ثم تاب في كل مرة ، فإنه يحبس في الثالثة ، إذا تاب حتى يظهر منه خشوع التوبة ؛ وذلك إثر الثبات على التوبة{[6672]} ، لأنه أظهر الفسق ، والفاسق يحبس حتى يظهر خشوع التوبة ( عليه ){[6673]} .
وقوله تعالى : { لم يكن الله لغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا } لا يحتمل أن يكون أراد بقوله : { ولا ليهديهم سبيلا } البيان على ما قاله قوم لأنه قد تولى لهم البيان ، لكنهم تعاندوا ، ولم يهتدوا ، فدل أن ثم معنى فيه سوى البيان لم يعطهم لما علم أنهم لا يهتدون أبدا ، وهو التوفيق ، فهذا يرد على من لا يجعل الهدى إلا بيانا إذ قد بين لهم ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.