قوله " وإذْ يعدُكُمُ " " إذْ " منصوب بفعل مقدر ، أي : اذكر إذْ ، والجمهور على رفع الدال ؛ لأنَّه مضارع مرفوع .
وقرأ مسلمة بنُ{[17169]} محاربٍ : بسكونها على التَّخفيفِ لتوالي الحركاتِ .
وقرأ ابنُ محيصن{[17170]} " يعدكم اللَّهُ احدى " يوصل همزة احْدَى تخفيفاً على غير قياس ، وهي نظير قراءة من قرأ : { إِنَّهَا لحْدَى } [ المدثر : 35 ] بإسقاط الهمزة أجرى همزة القطع مُجْرَى همزة الوصل ، وقرأ أيضاً{[17171]} أحَد بالتَّذكير ؛ لأنَّ الطائفة مؤنث مجازي .
إحدى الطائفتين أي : الفرقتين :
أحدهما : أبو سفيان مع العير ، الأخرى أبو جهل مع النَّفيرِ ، و " أنَّها لَكُمْ " منصوبُ المحلِّ على البدلِ مِنْ إحْدَى أي : يَعِدُكم أنَّ إحدى الطائفتين كائنة لكم ، أي : تتسلَّطُون عليها تسلُّط المُلاَّكِ ، فهي بدل اشتمال وتوَدُّونَ تريدون : { أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشوكة تَكُونُ لَكُمْ } يعني : العير التي ليس فيها قتال والشَّوكةُ : السلاح كسِنان الرُّمح ، والنصل والسَّيف ، وأصلها من النَّبتِ الحديدِ الطرف ، ك : " شَوْكِ السَّعدان " ، يقال منه : رَجُلٌ شائِكٌ ، فالهمزة مِنْ " واوٍ " ، ك : قائم ، ويجوزُ قلبه بتأخير عينه بعد لامه ، فيقال : شاكٍ ، فيصير ك : غازٍ ، ووزنهُ حينئذ فالٍ .
لَدَى أسَدٍ شَاكِي السِّلاحِ مُقذَّفٍ *** لهُ لبدٌ أظفارهُ لمْ تُقلَّمِ{[17172]}
ويُوصفُ السلاحُ : بالشَّاكي ، كما يوصف به الرَّجُل ، فيقال : رجلٌ شاكٌ ، وشاكٍ ، وسلاحٌ شاكٌ ، وشاكٍ . فأمَّا " شاكٌ " غير معتل الآخر ، وألفه منقلبةٌ عن عين الكلمة ، ووزنهُ في الأصل على فَعِل بكسر العين ، ولكن قلبت ألفاً ، كما قالوا : كبشٌ صافٌ أي صوف ، وكذلك " شاكٌ " أي : شَوِكٌ .
ويحتمل أن يكون حذوف العين ، وأصله " شَائِكٌ " ، فحذفت العين ، فبقي " شاكاً " فألفه زائدةٌ ، ووزنه على هذا " فالٍ " .
وأمَّا : " شاكٍ " فمنقوصٌ ، وطريقته بالقلب كما تقدم ومن وصف السلاح بالشاك قوله : [ الوافر ]
وألْبِسُ من رضاهُ في طريقِي *** سلاحاً يَذْعَرُ الأبطالَ شَاكَا{[17173]}
فهذا يحتمل أن يكون محذوف العين ، وأن يكون أصله " شوكاً " ، ك : صَوِف . ويقال أيضاً : هو شاكٌّ في السلاح ، بتشديد الكافِ ، من " الشِّكَّة " ، وهي السلام أجمع ، نقله الهرويُّ ، والرَّاغبُ .
قال : إنَّكُم تريدون الطائفة التي لا حدة لها ، يعني : العير ، ولكن الله يريدُ التَّوجُّهَ إلى الطائفة الأخرى ليحق الحقَّ بكلماته .
وقرأ مسلمة{[17174]} بن محارب : " بكلمته " على التَّوحيد ، والمراد به : اسم الجنس فيؤدِّي مؤدَّى الجمع ، والمراد بقوله : " بِكلماتِهِ " أي : بأمره إيَّاكم بالقتالِ ، وقيل : بهدايته التي سبقت من إظهار الدّين وإعزازه : { وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكافرين } والدَّابرُ الآخر من دبر ، ومنه دابرة الطَّائر وقطع الدَّابر عبارة عن الاستئصال أي : ليستأصلهم حتى لا يبقى منهم أحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.