فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذۡ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحۡدَى ٱلطَّآئِفَتَيۡنِ أَنَّهَا لَكُمۡ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيۡرَ ذَاتِ ٱلشَّوۡكَةِ تَكُونُ لَكُمۡ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦ وَيَقۡطَعَ دَابِرَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (7)

{ وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين } أي واذكروا وقت وعد الله إياكم وأمرهم بتذكر الوقت مع أن المقصود ذكر ما فيه من الحوادث لقصد المبالغة ، والطائفتان هما فرقة أبي سفيان مع العير ، وفرقة أبي جهل مع النفير .

{ أنها } أي إحدى الطائفتين مسخرة { لكم } وإنكم تغلبونها وتغنمون منها وتصنعون بها ما شئتم من قتل وأسر وغنيمة لا يطيقون لكم دفعا ، ولا يملكون لأنفسهم منكم ضرا ولا نفعا ، وفي هذه الجملة تذكير لهم بنعمة من النعم التي أنعم الله بها عليهم .

{ وتودون } أي تريدون وتتمنون ، معطوف على يعدكم من جملة الحوادث التي أمروا بذكر وقتها { أن غير ذات الشوكة } من الطائفتين هي طائفة العير التي ليس فيها قتال ولا شوكة { تكون لكم } دون ذات الشوكة وهي طائفة النفير ، قال أبو عبيدة : أي غير ذات الحد ، والشوكة السلاح والنبت الذي له حد ، ومنه رجل شائك السلاح أي حديد السلاح ثم يقلب فيقال شاكي السلاح فالشوكة مستعارة من واحدة الشوك .

والمعنى : وتودون أن تظفروا بالطائفة التي ليس معها سلاح وهي طائفة العير لأنها غنيمة صافية عن كدر القتال ، إذ لم يكن معها من يقوم بالدفع عنها ، قال الضحاك : وهي عير أبي سفيان ، ودّ أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن العير كانت لهم وأن القتال صرف عنهم .

{ ويريد الله أن يحق الحق بكلماته } وهو من جملة ما أمروا بذكر وقته أي ويريد الله غير ما تريدون وهو أن يحق الحق بإظهاره لما قضاه من ظفركم بذات الشوكة وقتلكم لصناديدهم ، وأسر كثير منهم واغتنام ما غنمتم من أموالهم التي أجلبوا بها عليكم وراموا دفعكم بها ، والمراد بالكلمات الآيات التي أنزلها في محاربة ذات الشوكة ، ووعدكم منه بالظفر بها ، وقيل الكلمات عداته التي سبقت لكم من إظهار الدين وإعزازه ، وقيل أسباب النصر مثل نزول الملائكة وأوامره لهم بالامداد .

{ ويقطع دابر الكافرين } الدابر الآخر ، وقطعه عبارة عن الاستئصال ، والمعنى ويستأصلهم جميعا حتى لا يبقى منهم أحد .