فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذۡ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحۡدَى ٱلطَّآئِفَتَيۡنِ أَنَّهَا لَكُمۡ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيۡرَ ذَاتِ ٱلشَّوۡكَةِ تَكُونُ لَكُمۡ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦ وَيَقۡطَعَ دَابِرَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (7)

قوله : { وَإِذْ يَعِدُكُمُ الله إِحْدَى الطائفتين أَنَّهَا لَكُمْ } الظرف منصوب بفعل مقدّر ، أي واذكروا وقت وعد الله إياكم إحدى الطائفتين . وأمرهم بتذكير الوقت مع أن المقصود ذكر ما فيه من الحوادث بقصد المبالغة . والطائفتان : هما العير والنفير . و { إحدى } هو ثاني مفعولي { يعد } ، و { أَنَّهَا لَكُمْ } بدل منه بدل اشتمال . ومعناه : أنها مسخرة لكم ، وأنكم تغلبونها وتغنمون منها وتصنعون بها ما شئتم من قتل وأسر وغنيمة ، لا يطيقون لكم دفعاً ، ولا يملكون لأنفسهم منكم ضراً ولا نفعاً . وفي هذه الجملة تذكير لهم بنعمة من النعم التي أنعم الله بها عليهم .

قوله : { وَتَوَدُّونَ } معطوف على { يَعِدُكُمُ } من جملة الحوادث التي أمروا بذكر وقتها . { أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشوكة } من الطائفتين ، وهي طائفة العير { تَكُونُ لَكُمْ } دون ذات الشوكة ، وهي طائفة النفير . قال أبو عبيدة : أي غير ذات الحدّ . والشوكة : السلاح ، والشوكة : النبت الذي له حدّ . ومنه رجل شائك السلاح ، أي حديد السلاح . ثم يقلب فيقال : شاكي السلاح . فالشوكة مستعارة من واحدة الشوك . والمعنى : وتودّون أن تظفروا بالطائفة التي ليس معها سلاح ، وهي طائفة الغير ، لأنها غنيمة صافية عن كدر القتال ، إذ لم يكن معها من يقوم بالدفع عنها . قوله : { وَيُرِيدُ الله أَن يُحِقَّ الحَقَّ بكلماته } معطوف على { تودّون } وهو من جملة ما أمروا بذكر وقته ، أي ويريد الله غير ما تريدون ، وهو أن يحقّ الحقّ بإظهاره ، لما قضاه من ظفركم بذات الشوكة ، وقتلكم لصناديدهم ، وأسر كثير منهم ، واغتنام ما غنمتم من أموالهم التي أجلبوا بها عليكم ، وراموا دفعكم بها . والمراد بالكلمات : الآيات التي أنزلها في محاربة ذات الشوكة ، ووعدكم منه بالظفر بها . { وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكافرين } الدابر : الآخر ، وقطعه عبارة عن الاستئصال . والمعنى : ويستأصلهم جميعاً .

/خ8