قوله تعالى : { تبّتْ يدا أبي لهب } اختلف في سبب نزولها في أبي لهب على ثلاثة أقاويل :
أحدها : ما حكاه عبد الرحمن بن زيد أن أبا لهب أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ماذا أُعطَى إن آمنتُ بك يا محمد ؟ قال : ما يعطَى المسلمون ، قال : ما عليهم فضل ؟ قال : وأي شيء تبتغي ؟ قال : تبَّا لهذا من دين أن أكون أنا وهؤلاء سواء ، فأنزل الله فيه : { تبت يدا أبي لهب } .
الثاني : ما رواه ابن عباس أنه لما نزل { وأنذر عشيرتك الأقربين } أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليها ، ثم نادى : " يا صباحاه " ! فاجتمع الناس إليه ، فقال : " أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم ، صدقتموني " ؟ قالوا : نعم ، قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " ، فقال أبو لهب : تبّا لك سائر اليوم ، أما دعوتنا إلا لهذا ؟ ! فأنزل الله تعالى هذه السورة{[3364]} .
الثالث : ما حكاه عبد الرحمن بن كيسان أنه كان إذا وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وفْدٌ انطلق إليهم أبو لهب ، فيسألونه عن رسول الله ، ويقولون : أنت أعلم به ، فيقول لهم أبو لهب : إنه كذاب ساحر ، فيرجعون عنه ولا يلقونه ، فأتاه وفد ، ففعل معهم مثل ذلك ، فقالوا : لا ننصرف حتى نراه ونسمع كلامه ، فقال لهم أبو لهب : إنا لم نزل نعالجه من الجنون فتبّاً له وتعساً ، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فاكتأب له ، فأنزل الله تعالى " تَبّتْ " السورة .
أحدها : خابت ، قاله ابن عباس .
الثاني : ضلّت ، وهو قول عطاء .
الثالث : هلكت ، قاله ابن جبير .
الرابع : صفِرت من كل خير ، قاله يمان بن رئاب .
حكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أنه لما قتل عثمان بن عفان سمع الناس هاتفاً يقول :
لقد خلّوْك وانصدعوا *** فما آبوا ولا رجعوا
ولم يوفوا بنذرِهمُ *** فيا تبَّا لما صَعنوا
والخامس : خسرت ، قاله قتادة ، ومنه قول الشاعر :
تواعَدَني قوْمي ليَسْعوْا بمهجتي *** بجارية لهم تَبّا لهم تبّاً
وفي قوله :{ يَدَا أَبِي لَهَبٍ } وجهان :
أحدهما : يعني نفس أبي لهب ، وقد يعبر عن النفس باليد ، كما قال تعالى { ذلك بما قدمت يداك } أي نفسك .
الثاني : أي عمل أبي لهب ، وإنما نسب العمل إلى اليد ؛ لأنه في الأكثر يكون بها .
وقيل : إنه كني أبا لهب لحُسنه وتلهّب وجنته ، وفي ذكر الله له بكنيته دون اسمه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه كان بكنيته أشهر منه باسمه .
الثاني : لأنه كان مسمى بعبد صنم ، وقيل : إنه عبد العزى ، فلذلك عدل عنه .
الثالث : لأن الاسم أشرف من الكنية ؛ لأن الكنية إشارة إليه باسم غيره ، ولذلك دعا الله أنبياءه بأسمائهم .
وفي قوله : { وتَبَّ } أربعة أوجه :
أحدها : أنه تأكيد للأول من قوله :{ تبت يدا أبي لهب } ، فقال بعده : " وتب " تأكيداً . الثاني : يعني تبت يدا أبي لهب بما منعه الله تعالى من أذى لرسوله ، وتب بما له عند الله من أليم عقابه .
الثالث : يعني قد تبّ ، قاله ابن عباس .
الرابع : يعني وتبّ ولد أبي لهب ، قاله مجاهد .
وفي قراءة ابن مسعود : ( تبت يدا أبي لهبٍ وقد تب ) ، جعله خبراً ، وهي على قراءة غيره تكون دعاء كالأول .
وفيما تبت عنه يدا أبي لهب وجهان :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.