النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَىٰٓ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡ فِيمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ} (55)

قوله تعالى : { إِذْ قَالَ اللَّهُ : يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } فيه أربعة أقاويل :

أحدها : معناه إني قابضك برفعك إلى السماء من غير وفاة بموت ، وهذا قول الحسن ، وابن جريج ، وابن زيد .

والثاني : متوفيك وفاة نوم للرفع إلى السماء ، وهذا قول الربيع .

والثالث : متوفيك وفاة بموت ، وهذا قول ابن عباس .

والرابع : أنه من المقدم والمؤخر بمعنى رافعك ومتوفيك بعده ، وهذا قول الفراء .

وفي قوله تعالى : { وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } قولان :

أحدهما : رافعك إلى السماء .

والثاني : معناه رافعك إلى كرامتي .

{ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا } فيه قولان :

أحدهما : أن تطهيره منهم هو منعهم من قتله .

والثاني : أنه إخراجه من بينهم .

{ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } فيه تأويلان :

أحدهما : فوقهم بالبرهان والحجة .

والثاني : بالعز والغلبة .

وفي المعنيّ بذلك قولان :

أحدهما : أن الذين آمنوا به فوق الذين كذّبوه وكذَبوا عليه ، وهذا قول الحسن ، وقتادة ، والربيع ، وابن جريج .

والثاني : أن النصارى فوق اليهود ، لأن النصارى أعز واليهود أذل ، وفي هذا دليل على أنه لا يكون لليهود مملكة إلى يوم القيامة بخلاف الروم .