النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا} (65)

قوله تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } ومعنى { شَجَرَ بَينَهُم } أي وقع بينهم من المشاجرة وهي المنازعة والاختلاف ، سُمِّيَ ذلك مشاجرة ، لتداخل بعض الكلام كتداخل الشجر بالتفافها .

{ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيتَ } وفي الحرج تأويلان :

أحدهما : يعني شكّاً وهو قول مجاهد .

والثاني : يعني إثماً ، وهو قول الضحاك .

واختلف في سبب نزولها على قولين .

أحدهما : أنها نزلت في المنافق واليهودي اللَّذين احتكما إلى الطاغوت ، وهذا قول مجاهد ، والشعبي .

والثاني : أنها نزلت في الزبير ورجل من الأنصار قد شهد بدراً ، تخاصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج{[664]} من الحرّة كانا يسقيان به نخلاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اسْقِ يا زُبَيرُ ثُمَّ أَرسِل المَاءَ إلَى جَارِكَ " فغضب الأنصاري وقال : يا رسول الله آن كان ابن عمتك ، فَتَلَونَ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف أن قد ساءه ، ثم قال يا زبير : " احْبسِ المَاءَ إلَى الجدر أو الكَعْبَينِ ثم خلِّ سَبِيلَ المَاءِ {[665]} " فنزلت هذه الآية ، وهذا قول عبد الله بن الزبير ، وعروة ، وأم سلمة .


[664]:- روى هذا الحديث البخاري عن ابن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن الزبير مع بعض اختلاف في اللفظ. وشراج بشين معجمة قراء وآخره جيم: جمع شرجة بفتح فسكون وهي مسايل الماء بالحرة (بفتح فتشديد) وهي أرض ذات حجارة سود
[665]:- روى هذا الحديث البخاري عن ابن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن الزبير مع بعض اختلاف في اللفظ. وشراج بشين معجمة قراء وآخره جيم: جمع شرجة بفتح فسكون وهي مسايل الماء بالحرة (بفتح فتشديد) وهي أرض ذات حجارة سود