النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفُورُ} (2)

{ الذي خَلَقَ الموتَ والحياةَ } يعني الموت في الدنيا ، والحياة في الآخرة .

قال قتادة : كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول : " [ إن اللَّه أذل ] بني آدم بالموت ، وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت ، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء " .

الثاني : أنه خلق الموت والحياة جسمين ، فخلق الموت في صورة كبش أملح ، وخلق الحياة في صورة فرس [ أنثى بلقاء ]{[3027]} ، وهذا مأثور حكاه الكلبي ومقاتل .

{ لِيَبْلُوكم أيُّكم أَحْسَنُ عَمَلاً } فيه خمسة تأويلات :

أحدها : أيكم أتم عقلاً ، قاله قتادة .

الثاني : أيكم أزهد في الدنيا ، قاله سفيان .

الثالث : أيكم أورع عن محارم اللَّه وأسرع إلى طاعة اللَّه ، وهذا قول مأثور .

الرابع : أيكم للموت أكثر ذِكْراً وله أحسن استعداداً ومنه أشد خوفاً وحذراً ، قاله السدي .

الخامس : أيكم أعرف بعيوب نفسه .

ويحتمل سادساً : أيكم أرضى بقضائه وأصبر على بلائه{[3028]} .


[3027]:من تفسير القرطبي الذي أورد هذا عن ابن عابس والكلبي ومقاتل أنظر تفسيره 206/18.
[3028]:قيل في تفسير هذا القول:أي ليبلو العبد موت من يعز عليه ليبين صبره، وبالحياة ليبين شكره.