{ الذي خلق الموت والحياة } الموت : انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته له ، والحياة تعلق الروح بالبدن واتصاله به ، وقيل : ما يوجب كون الشيء حيا ، وقيل : الموت صفة وجودية مضادة للحياة ، وقيل : المراد الموت في الدنيا والحياة في الآخرة وفيه بعد ، وقدم الموت على الحياة لأن أصل الأشياء عدم الحياة ، والحياة عارضة لها ، وقيل : لأن الموت أقرب إلى القهر . وقال مقاتل : خلق الموت يعني النطفة والمضغة والعلقة ، والحياة يعني خلقه إنسانا وخلق فيه الروح ، وقيل : خلق الموت على صورة كبش لا يمر على شيء إلا مات ، وخلق الحياة على صورة فرس لا يمر بشيء إلا حيى ، قاله مقاتل والكلبي . وقد ورد في التنزيل { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم } وقوله : { إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة } وقوله : { توفته رسلنا } وقوله : { الله يتوفى الأنفس حين موتها } وغير ذلك من الآيات .
وقال النسفي : الحياة ما يصح بوجوده الإحساس ، والموت ضده ، ومعنى خلقهما إيجاد ذلك المصحح وإعدامه ، أي خلق موتكم وحياتكم أيها المكلفون .
{ ليبلوكم } أي ليعاملكم معاملة من يختبرهم ، وإلا فعلمه محيط بكل شيء ، قال الشهاب : الاختبار يقتضي عدم علم المختبر بالكسر بحال المختبر بالفتح ، فلهذا جعلوه استعارة تمثيلية أو تبعية ، على تشبيه حالهم في تكليفه تعالى لهم بتكاليفه ، وخلق الموت والحياة لهم ، وإثابته لهم وعقوبته بحال المختبر مع من اختبره وجربه لينظر طاعته وعصيانه فيكرمه أو يهينه .
{ أيكم أحسن عملا } فيجازيكم على ذلك ، وقيل : المعنى ليبلوكم ربكم أيكم أكثر ذكرا للموت وأحسن استعدادا وأشد منه خوفا ، وقيل : أيكم أحسن عقلا وأسرع إلى طاعة الله وأورع عن محارم الله ؛ وقيل : أخلص عملا وأصوبه ، والخالص إذا كان لله ، والصواب إذا كان على السنة ؛ وقيل : أزهد في الدنيا وأترك لها ؛ والعموم أولى .
قال الزجاج : اللام متعلقة بخلق الحياة لا بخلق الموت ، وقال الفراء : إن قوله { ليبلوكم } لم يقع على أي ، لأن فيما بين البلوى وأي إضمار فعل ، كما تقول بلوتكم لأنظر أيكم أطوع ، ومثله وقوله { سلهم أيهم بذلك زعيم } أي سلهم ثم أنظر أيهم ؛ فأيكم في الآية مبتدأ وخبره أحسن ، لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، وإيراد صيغة التفضيل مع أن الابتلاء شامل لجميع أعمالهم المنقسمة إلى الحسن والقبيح ، لا إلى الحسن والأحسن ، فقط للإيذان بأن المراد بالذات والمقصد الأصلي من الابتلاء هو ظهور كمال إحسان المحسنين .
{ وهو العزيز } أي الغالب الذي لا يغالب ولا يعجزه من أساء العمل ، { الغفور } لمن تاب وأناب ، والستور الذي لا ييأس منه أهل الإساءة والزلل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.