{ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ } قدّم الموت على الحياة لأنّهُ إلى القهر أقرب ، كما قدّم البنات على البنين في قوله :
{ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ } [ الشورى : 49 ] .
قال قتادة : أذلّ اللّه ابن آدم بالموت ، وجعل الدنيا دار حياة ودار فناء ، وجعل الآخرة دار جزاء وبقاء . وقيل : قدّمه لأنّهُ أقدم ، وذلك أنّ الأشياء في الابتداء كانت في حكم الموات كالنطفة والتراب ونحوها ، ثم اعترضت عليها الحياة .
قال ابن عباس : خلق الموت على صورة كبش أملح لا يمرّ بشيء ولا يجد ريحه شيء إلاّ مات ، وخلق الحياة على صورة فرس بلقاء ، وهي التي كان جبرئيل والأنبياء( عليهم السلام ) يركبونها ، خطوها مد البصر ، وهي فوق الحمار ودون البغل ، لا تمر بشيء ، ولا تطأ شيئاً ولا يجد ريحها شيء إلاّ حيّ ، وهي التي أخذ السامري من أثرها ؛ فألقاها على العجل فحيى .
{ لِيَبْلُوَكُمْ } فيما بين الحياة إلى الموت ، { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } أخبرنا الحسن بن محمد بن فنجويه ، حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن برزة ، حدّثنا الحرث بن أُسامة ، حدّثنا داود بن المحر ، حدّثنا عبد الواحد بن زياد العبدي عن كليب بن وائل عن ابن عمر " عن النبي ( صلّى اللّه عليه وسلم ) أنّه تلا ( تبارك الذي بيده الملك ) حتى بلغ إلى قوله ( أيكم أحسن عملا ) . ثم قال : أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم اللّه ، وأسرعكم في طاعة اللّه " .
وبإسناده عن داود بن المحر ، حدّثنا ميسر عن محمد بن زيد عن أبي سلمة عن أبي قتادة قال : قلت : " يا رسول اللّه أرأيت قول اللّه تعالى { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ما عُني به ؟ قال : " يقول أيّكم أحسن عقلا " " .
وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " أتمّكم عقلا وأشدّكم لله خوفاً ، وأحسنكم فيما أمر اللّه تعالى به ونهى عنه نظراً وإن كان أقلكم تطوعاً " .
أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل ، حدّثنا أَبُو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن أحمد ، حدّثنا أَبُو بكر بن أبي الدّنيا القرشي ، حدّثنا محمد بن علي بن الحسن بن سقيق عن إبراهيم عن الأشعث عن فضيل بن عَياض { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } قال : أخلصه وأصوبه ، قلت : ما أخلصه وأصوبه ؟ قال : إنّ العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل ، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتّى يكون خالصاً صواباً ، والخالص : إذا كان للّه ، والصّواب : إذا كان على السُنّة .
وقال الحسن : يعني أيّكم أزهد في الدنيا زهداً ، وأترك لها تركاً .
وقال سهل : أيّكم أحسن توكّلا على اللّه .
قال الفرّاء : لم يرفع البلوى على أي ؛ لأنّ فيما بين أي والبلوى إضماراً وهو كما يقول في الكلام : بلوتكم لأنظر أيّكم أطوع ، ومثله
{ سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ } [ القلم : 40 ] أي سلهم وانظر أيّهم . فأيّ رفع على الابتداء وأحسن خبره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.