بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفُورُ} (2)

ثم قال : { الذي خَلَقَ الموت والحياة } قال مقاتل : { خَلَقَ الموت } يعني : النطفة والعلقة والمضغة ، وخلق الحياة يعني : خلق إنساناً ، ونفخ فيه الروح ، فصار حياً . وقال الكلبي : { خَلَقَ الموت } بمنزلة كبش أملح ، لا يمر على شيء ، ولا يجد ريحه شيء إلا مات . { والحياة } شيء كهيئة الفرس البلقاء الأنثى التي يركب عليها جبريل والأنبياء . وقال قتادة في قوله : { خَلَقَ الموت والحياة } يعني : أذل الله ابن آدم بالموت ، وجعل الدنيا دار حياة وفناء ، وجعل الآخرة دار جزاء وبقاء . ويقال : { خَلَقَ الموت والحياة } يعني : قدر الحياة ثم قدر الموت بعد الحياة . { لِيَبْلُوَكُمْ } يعني : ليختبركم ما بين الحياة والموت . { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } في حياته ، ويقال : أيكم أكمل عملاً وأخلص عملاً . ويقال : { خَلَقَ الموت والحياة } أي : خلق الحياة للامتحان ، وخلق ؛ الموت للجزاء كما قيل : لولا المحن لقدمنا مفاليس ، وذلك أن الله تعالى ، خلق الجنة . وخلق لها أهلاً ، وخلق النار وخلق لها أهلاً ، وابتلاهم بالعمل والأمر والنهي ، فيستوجبون بفعلهم الثواب والعقاب . والابتلاء من الله تعالى ، أن يظهر من العبد ما كان يعلم منه في الغيب .

ثم قال : { وَهُوَ العزيز الغفور } يعني : العزيز بالنقمة للكافر ، والغفور لمن تاب منهم .