والحياة : ما يصح بوجوده الإحساس . وقيل : ما يوجب كون الشيء حياً ، وهو الذي يصح منه أن يعلم ويقدر . والموت عدم ذلك فيه ، ومعنى خلق الموت والحياة : إيجاد ذلك المصحح وإعدامه . والمعنى : خلق موتكم وحياتكم أيها المكلفون { لِيَبْلُوَكُمْ } وسمى علم الواقع منهم باختيارهم «بلوى » ، وهي الخبرة استعارة من فعل المختبر . ونحوه قوله تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ } [ محمد : 31 ] .
فإن قلت : من أين تعلق قوله : { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } بفعل البلوى ؟ قلت : من حيث أنه تضمن معنى العلم ، فكأنه قيل : ليعلمكم أيكم أحسن عملا ؛ وإذا قلت : علمته أزيد أحسن عملا أم هو ؟ كانت هذه الجملة واقعة موقع الثاني من مفعوليه ، كما تقول : علمته هو أحسن عملا .
فإن قلت : أتسمي هذا تعليقاً ؟ قلت : لا ، إنما التعليق أن توقع بعده ما يسدّ مسدّ المفعولين جميعاً ، كقولك : علمت أيهما عمرو ، وعلمت أزيد منطلق . ألا ترى أنه لا فصل بعد سبق أحد المفعولين بين أن يقع ما بعده مصدراً بحرف الاستفهام وغير مصدر به ، ولو كان تعليقاً لافترقت الحالتان كما افترقتا في قولك : علمت أزيد منطلق ، وعلمت زيداً منطلقاً . { أَحْسَنُ عَمَلاً } قيل : أخلصه وأصوبه ؛ لأنه إذا كان خالصاً غير صواب لم يقبل ، وكذلك إذا كان صواباً غير خالص ؛ فالخالص : أن يكون لوجه الله تعالى ؛ والصواب : أن يكون على السنة . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تلاها ، فلما بلغ قوله : { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } قال : " أيكم أحسن عقلاً وأورع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله " يعني : أيكم أتم عقلا عن الله وفهما لأغراضه ؛ والمراد : أنه أعطاكم الحياة التي تقدرون بها على العمل وتستمكنون منه ، وسلط عليكم الموت الذي هو داعيكم إلى اختيار العمل الحسن على القبيح ، لأن وراءه البعث والجزاء الذي لا بد منه . وقدم الموت على الحياة ، لأنّ أقوى الناس داعياً إلى العمل من نصب موته بين عينيه فقدم لأنه فيما يرجع إلى الغرض المسوق له الآية أهم { وَهُوَ العزيز } الغالب الذي لا يعجزه من أساء العمل { الغفور } لمن تاب من أهل الإساءة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.