75- والذين آمنوا بعد الأولين وهاجروا أخيراً وجاهدوا مع السابقين ، فأولئك منكم يا جماعة المهاجرين والأنصار ، لهم من الولاية والحقوق ما لبعضكم على بعض . وذوو الأرحام من المؤمنين لهم - فضلا عن ولاية الإيمان - ولاية القرابة ، فبعضهم أولى ببعض في المودة والمال والنصرة والتأييد ، وقد بين ذلك في كتابه وهو العليم بكل شيء .
قوله تعالى : { والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم } أي : معكم ، يريد : أنتم منهم وهم منكم .
قوله تعالى : { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض } ، وهذا نسخ التوارث بالهجرة ، ورد الميراث إلى ذوي الأرحام .
قوله تعالى : { في كتاب الله } أي : في حكم الله عز وجل ، وقيل : أراد بكتاب الله القرآن ، يعني : القسمة التي بينها في سورة النساء .
وكذلك من جاء بعد هؤلاء المهاجرين والأنصار ، ممن اتبعهم بإحسان فآمن وهاجر وجاهد في سبيل اللّه . { فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ ْ } لهم ما لكم وعليهم ما عليكم{[360]}
فهذه الموالاة الإيمانية - وقد كانت في أول الإسلام - لها وقع كبير وشأن عظيم ، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصارأخوة خاصة ، غير الأخوة الإيمانية العامة ، وحتى كانوا يتوارثون بها ، فأنزل اللّه { وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ْ } فلا يرثه إلا أقاربه من العصبات وأصحاب الفروض ، فإن لم يكونوا ، فأقرب قراباته من ذوي الأرحام ، كما دل عليه عموم هذه الآية الكريمة ، وقوله : { فِي كِتَابِ اللَّهِ ْ } أي : في حكمه وشرعه .
{ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ْ } ومنه ما يعلمه من أحوالكم التي يجري من شرائعه الدينية عليكم ما يناسبها .
ثم ألحق بهم في الأمرين من سيلحق بهن ويتسم بسمتهم فقال : { والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم } أي من جملتكم أيها المهاجرون والأنصار . { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض } في التوارث من الأجانب . { في كتاب الله } في حكمه ، أو في اللوح أو في القرآن واستدل به على توريث ذوي الأرحام . { إن الله بكل شيء عليم } من المواريث والحكمة في إناطتها بنسبة الإسلام والمظاهرة ، أولا واعتبار القرابة ثانيا .
وقوله تعالى : { وجاهدوا معكم } لفظ يقتضي أنهم تبع لا صدر ، قوله { فأولئك منكم } كذلك ، ونحوه قال النبي صلى الله عليه وسلم : «مولى القوم منهم{[5495]} وابن أخت القوم منهم »{[5496]} ، وقوله { وأولو الأرحام }{[5497]} إلى آخر السورة ، قال من تقدم ذكره هي في المواريث وهي ناسخة للحكم المتقدم ذكره من أن يرث المهاجري الأنصاري ، ووجب بهذه الآية الأخيرة أن يرث الرجل قريبه وإن لم يكن مهاجراً معه ، وقالت فرقة منها مالك بن أنس رحمه الله : إن الآية ليست في المواريث ، وهذا ِفرار عن توريث الخال والعمة ونحو ذلك ، وقالت فرقة : هي في المواريث إلا أنها نسخت بآية المواريث المبينة ، وقوله { في كتاب الله } ، معناه القرآن أي ذلك مثبت في كتاب الله ، وقيل المعنى في كتاب الله السابق في اللوح المحفوظ ، و { عليم } صفة مناسبة لنفوذ هذه الأحكام ، كمل تفسير سورة الأنفال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.