الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ مَعَكُمۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنكُمۡۚ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ} (75)

أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال " ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم توفي على أربعة منازل . مؤمن مهاجر ، والأنصار ، وأعرابي مؤمن لم يهاجر ، إن استنصره النبي نصره ، وإن تركه فهو إذن له ، وإن استنصر النبي صلى الله عليه وسلم كان حقا عليه أن ينصره ، وذلك ( استنصروكم في الدين فعليكم النصر ) ( الأنفال الآية 72 ) ، والرابعة التابعين بإحسان " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه . مثله .

وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن الزبير بن العوام قال : أنزل الله فينا خاصة معشر قريش والأنصار { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض } وذلك أنا معشر قريش لما قدمنا المدينة ، قدمنا ولا أموال لنا فوجدنا الأنصار نعم الإخوان فواخيناهم وتوارثنا ، فآخى أبو بكر رضي الله عنه خارجة بن زيد ، وآخى عمر رضي الله عنه فلانا ، وآخى عثمان رضي الله عنه رجلا من بني زريق بن سعد الزرقي . قال الزبير : وواخيت أنا كعب بن مالك ، ووارثونا ووارثناهم فلما كان يوم أحد قيل لي ، قتل أخوك كعب بن مالك فجئته فانتقلته فوجدت السلاح قد ثقله فيما نرى ، فوالله يا بني لو مات يومئذ عن الدنيا ما ورثه غيري حتى أنزل الله هذه الآية فينا معشر قريش والأنصار خاصة ، فرجعنا إلى مواريثنا .

وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن الزبير أنه كتب إلى شريح القاضي : إنما نزلت هذه الآية أن الرجل كان يعاقد الرجل يقول : ترثني وأرثك ، فنزلت { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } فلما نزلت ترك ذلك .

وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما . أنه قيل له : إن ابن مسعود رضي الله عنه لا يورث الموالي دون الأرحام ، ويقول : إن ذوي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله . فقال ابن عباس رضي الله عنهما : هيهات هيهات . أين ذهب ، إنما كان المهاجرون يتوارثون دون الأعراب ، فنزلت { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } يعني أنه يورث المولى .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } قال : نسخت هذه الآية ما كان قبلها من مواريث العقد والحلف والمواريث بالهجرة ، وصارت لذوي الأرحام قال : والابن أولى من الأخ ، والأخ أولى من الأخت ، والأخت أولى من ابن الأخ ، وابن الأخ أولى من العم ، والعم أولى من ابن العم ، وابن العم أولى من الخال ، وليس للخال ولا العمة ولا الخالة من الميراث نصيب في قول زيد ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعطي ثلثي المال للعمة والثلث للخالة إذا لم يكن له وارث ، وكان علي وابن مسعود يردان ما فضل من الميراث على ذوي الأرحام على قدر سهمانهم غير الزوج والمرأة .

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : كان لا يرث الأعرابي المهاجر حتى أنزل الله { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : توارثت المسلمون لما قدموا المدينة بالهجرة ، ثم نسخ ذلك فقال { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } .

وأخرج الطيالسي والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وورث بعضهم من بعض حتى نزلت هذه الآية { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } فتركوا ذلك وتوارثوا بالنسب .