الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ مَعَكُمۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنكُمۡۚ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ} (75)

{ والذين آمَنُوا مِن بَعْدُ وَهَاجَرُوا وجاهدوا مَعَكُمْ } [ الأنفال : 75 ] قوله : { من بعد } ، يريدُ به مِنْ بَعْدِ الحُدَيْبِيَةِ ؛ وذلك أن الهجرة مِنْ بعدِ ذلك كانَتْ أقلَّ رتبةً من الهجرة قبل ذلك ، وكان يقال لها الهِجْرَةُ الثانية ، { وجاهدوا مَعَكُمْ } : لفظٌ يقتضي أنهم تَبَعٌ لا صَدْرٌ .

وقوله سبحانه : { وَأُوْلُوا الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِي كتاب الله } .

قالَ مَنْ تقدَّم ذكره : هذه في المواريثِ ، وهي ناسخةٌ للحُكْم المتقدِّم ذكْرُه ، وقالتْ فرقة ، منها مالك : إن الآية لَيْسَتْ في المواريث ، وهذا فَرارٌ من توريثِ الخَالِ والعَمَّة ونحو ذلك ، وقالَتْ فرقة : هي في المواريث ، إِلا أنها نُسِخَتْ بآية المواريث المبيّنة ، وقوله : { فِي كتاب الله } معناه : القرآن ، أي : ذلك مُثْبَتٌ في كتاب اللَّه .

وقيل : في اللَّوْحِ المحفوظِ .

كَمَلَ تفسيرُ السُّورة ، والحَمْدُ للَّهِ ، وصلَّى اللَّه علَى سيِّدنا محمَّد وآله وَصَحْبِهِ وسَلَّم تسليماً .