وقوله سبحانه وتعالى : { والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم } اختلفوا في قوله من بعد فقيل من بعد صلح الحديبية وهي الهجرة الثانية وقيل من نزول هذه الآية وقيل من بعد غزوة بدر والأصح أن المراد به أهل الهجرة الثانية لأنها بعد الهجرة الأولى لأن الهجرة انقطعت بعد فتح مكة لأنها صارت دار إسلام بعد الفتح ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم « لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية » أخرجاه في الصحيحين وقال الحسن الهجرة غير منقطعة . ويجاب عن هذا بأن المراد منه الهجرة المخصوصة من مكة إلى المدينة فأما من كان من المؤمنين في بلد يخاف على إظهار دينه في كثرة الكفار وجب عليه أن يهاجر إلى بلد لا يخاف على إظهار دينه وقوله تعالى : { فأولئك منكم } يعني أنهم منكم وأنتم منهم لكن فيه دليل على أن مرتبة المهاجرين الأولين أشرف وأعظم من مرتبة المهاجرين المتأخرين بالهجرة لأن الله سبحانه وتعالى ألحق المهاجرين المتأخرين بالمهاجرين السابقين وجعلهم منهم وذلك معرض المدح والشرف ولولا أن المهاجرين الأولين أفضل وأشرف لما صح هذا الإلحاق .
وقوله تعالى : { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } قال ابن عباس : كانوا يتوارثون بالهجرة والإخاء حتى نزلت هذه الآية وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض أي في الميراث أي فبين بهذه الآية أن سبب القرابة أقوى وأولى من سبب الهجرة والإخاء ونسخ بهذه الآية ذلك التوارث وقوله في كتاب الله يعني في حكم الله وقيل أراد به في اللوح المحفوظ وقيل أراد به القرآن وهو أن قسمة المواريث مذكورة في سورة النساء من كتاب الله وهو القرآن وتمسك أصحاب الإمام أبي حنيفة بهذه الآية في توريث ذوي الأرحام .
وأجاب عنه الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه بأنه لما قال في كتاب الله كان معناه في حكم الله الذي بينه في سورة النساء فصارت هذه الآية مقيدة بالأحكام التي ذكرها في سورة النساء من قسمة المواريث وإعطاء أهل الفروض فروضهم وما بقي فللعصبات .
وقوله سبحانه وتعالى : { إن الله بكل شيء عليم } يعني أنه سبحانه وتعالى عالم بكل شيء لا تخفى عليه خافية والله أعلم بمراده وأسرار كتابه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.