الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ مَعَكُمۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنكُمۡۚ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ} (75)

قوله : { والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم [ فأولئك منكم ]{[27980]} }[ 75 ] ، الآية .

المعنى : والذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبما جاء به ، من بعد ما أمرتكم بموالاة المهاجرين والأنصار وتوارثهم ، وهاجروا إليكم وجاهدوا معكم { فأولئك منكم } ، يعني الذين آمنوا من بعد الحديبية{[27981]} ، { وهاجروا } ، ويقال لها : الهجرة الثانية{[27982]} ، { فأولئك منكم } ، أي : مثلكم في النصر والموالاة والمواريث{[27983]} .

ثم قال تعالى : { وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض }[ 75 ] .

هذا نسخ لما تقدم ن التوارث بالهجرة دون القرابة التي ليس معها هجرة{[27984]} .

قال إسماعيل القاضي{[27985]} : عنى{[27986]} بذوي الأرحام من يرث منهم ، هم أولى ممن لا يرث من ذوي الأرحام ، ومن غيرهم ممن لا نسب{[27987]} بينه وبين الميت ، فأما الولاء فهو قائم بنفسه في الميراث كما جعله النبي صلى الله عليه وسلم .

ومعنى { في كتاب الله }[ 75 ] ، في اللوح المحفوظ{[27988]} ، هو كذلك قد سبق في علمه تعالى أنه كذلك بأمرنا .

{ إن الله بكل شيء عليم }[ 75 ] .

أي : يعلم ما ينقلكم إليه قبل أن ينقلكم ، لا إله إلا هو .


[27980]:زيادة من "ر".
[27981]:وهو قول ابن عباس كما في زاد المسير 3/387، بلفظ: "هم الذين هاجروا من بعد الحديبية"، وتفسير الرازي 8/220، والبحر المحيط 4/519.
[27982]:المحرر الوجيز 2/557، وتفسير الرازي 8/220، وتفسير القرطبي 8/38.
[27983]:انظر: جامع البيان 14/89.
[27984]:انظر: ما سلف قريبا، والمصادر هناك، وأضف إليها: تفسير ابن أبي حاتم 5/1742، وتفسير الماوردي 2/334، والدر المنثور 4/118.
[27985]:هو: إسماعيل بن إسحاق، أبو إسحاق البصري المالكي قاضي بغداد، وناشر مذهب مالك بالعراق. له: أحكام القرآن و"معاني القرآن" و"كتاب في القراءات"، توفي سنة 282هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 13/339-342، ومصادر ترجمته هناك.
[27986]:في الأصل: عني، بياء مثناة من تحت.
[27987]:في "ر": ينسب.
[27988]:انظر: إعراب القرآن للنحاس 2/199، وزاد المسير 3387، والبحر المحيط 4/519.