المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ كِتَٰبٗا مُّؤَجَّلٗاۗ وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلۡأٓخِرَةِ نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَاۚ وَسَنَجۡزِي ٱلشَّـٰكِرِينَ} (145)

145- لا يمكن أن تموت نفس إلا بإذن الله ، وقد كتب الله ذلك في كتاب مشتمل على الآجال . ومن يرد متاع الدنيا يؤته منها ، ومن يرد جزاء الآخرة يؤته منها ، وسيجزى الله الذين شكروا نعمته فأطاعوه فيما أمرهم به من جهاد وغيره .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ كِتَٰبٗا مُّؤَجَّلٗاۗ وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلۡأٓخِرَةِ نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَاۚ وَسَنَجۡزِي ٱلشَّـٰكِرِينَ} (145)

قوله تعالى : { وما كان لنفس أن تموت } . قال الأخفش : اللام في لنفس منقولة تقديره : وما كانت نفس لتموت .

قوله تعالى : { إلا بإذن الله } . بقضائه وقدره ، وقيل : بعلمه وقيل : بأمره .

قوله تعالى : { كتاباً مؤجلاً } . أي كتب لكل نفس أجلاً لا يقدر أحد على تغييره وتأخيره ، ونصب كتابا على المصدر أي كتب كتاباً .

قوله تعالى : { ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها } . يعني من يرد بطاعته الدنيا ويعمل لها نؤته منها ما يكون جزاء لعمله ، يريد نؤته منها ما يشاء مما قدرناه له ، كما قال ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ) . نزلت في الذين تركوا المركز يوم أحد طلباً للغنيمة .

قوله تعالى : { ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها } . أي أراد بعمله الآخرة قيل :أراد الذين ثبتوا مع أميرهم عبد الله بن جبير حتى قتلوا .

قوله تعالى : { وسنجزي الشاكرين } . أي : المؤمنين المطيعين .

أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد ابن موسى بن الصلت ، أنا أبو إسحاق إبراهيم عبد الصمد الهاشمي ، أنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن يزيد بن عبد الرحمن بن المقرئ ، أنا أبي ، أنا الربيع ابن صبيح عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كانت نيته طلب الآخرة جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت نيته طلب الدنيا ، جعل الله الفقر بين عينيه ، وشتت عليه أمره ، ولا يأتيه منها إلا ما كتب له " .

أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن أبي توبة الزراد ، أخبرنا أبو بكر محمد بن إدريس بن محمد الجرجاني وأبو أحمد محمد بن أحمد بن علي المعلم الهروي قالا : أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى الماليني ، أخبرنا أبو العباس الحسن بن سفيان النسوي ، أخبرنا حيان بن موسى ، وعبد الله بن أسماء ابن أخي جويرية ، ابن أسماء قالا : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن علقمة بن وقاص الليثي ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إ " نما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ كِتَٰبٗا مُّؤَجَّلٗاۗ وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلۡأٓخِرَةِ نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَاۚ وَسَنَجۡزِي ٱلشَّـٰكِرِينَ} (145)

ثم أخبر تعالى أن النفوس جميعها متعلقة بآجالها بإذن الله وقدره وقضائه ، فمن حتَّم عليه بالقدر أن يموت ، مات ولو بغير سبب ، ومن أراد بقاءه ، فلو أتى{[163]}  من الأسباب كل سبب ، لم يضره ذلك قبل بلوغ أجله ، وذلك أن الله قضاه وقدره وكتبه إلى أجل مسمى : { إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون }

ثم أخبر تعالى أنه يعطي الناس من ثواب الدنيا والآخرة ما تعلقت به إراداتهم ، فقال : { ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها }

قال الله تعالى : { كلاًّ نمدُّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا }

{ وسنجزي الشاكرين } ولم يذكر جزاءهم ليدل ذلك على كثرته وعظمته ، وليعلم أن الجزاء على قدر الشكر ، قلة وكثرة وحسنا .


[163]:- في ب: فلو وقع.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ كِتَٰبٗا مُّؤَجَّلٗاۗ وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلۡأٓخِرَةِ نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَاۚ وَسَنَجۡزِي ٱلشَّـٰكِرِينَ} (145)

وقوله : { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلا } أي : لا يموت أحد إلا بقدر الله ، وحتى يستوفي المدةَ التي ضربها الله له ؛ ولهذا قال : { كِتَابًا مُؤَجَّلا } كقوله{[5794]} { وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ } [ فاطر : 11 ] وكقوله { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ } [ الأنعام : 2 ] .

وهذه الآية فيها تشجيع للجُبَناء وترغيب لهم في القتال ، فإن الإقدام والإحجام لا يَنْقُص من العمر ولا يزيد فيه كما قال ابن أبي حاتم :

حدثنا العباس بن يزيد العبدي قال : سمعت أبا معاوية ، عن الأعمش ، عن حبيب بن صُهبان ، قال : قال رجل من المسلمين{[5795]} - وهو حُجْرُ بن عَدِيّ - : ما يمنعكم أن تعبُروا إلى هؤلاء العدو ، هذه{[5796]} النطفة ؟ - يعني دِجْلَة - { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلا } ثم أقحم فرسه دجلة فلما أقحم أقحم الناس فلما رآهم العدوّ قالوا : ديوان ، فهربوا{[5797]} {[5798]} .

وقوله : { وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا } أي : من كان عمله للدنيا فقد نال منها ما قدّرَه الله له ، ولم يكن له في الآخرة [ من ]{[5799]} نصيب ، ومن قصد بعمله الدار الآخرة أعطاه الله منها مع ما قسم له في الدنيا كما قال : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نزدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ } [ الشورى : 20 ] وقال تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا } [ الإسراء : 18 ، 19 ] وهكذا قال هاهنا : { وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ } أي : سنعطيهم من فضلنا ورحمتنا في الدنيا والآخرة بحسب شُكْرهم وعملهم .


[5794]:في جـ: "وكقوله".
[5795]:في جـ: "للمسلمين".
[5796]:في أ، و: "وهذه".
[5797]:في جـ: "وهربوا".
[5798]:تفسير ابن أبي حاتم (2/584).
[5799]:زيادة من أ.