الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ كِتَٰبٗا مُّؤَجَّلٗاۗ وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلۡأٓخِرَةِ نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَاۚ وَسَنَجۡزِي ٱلشَّـٰكِرِينَ} (145)

قوله ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ اَن تَمُوتَ إِلاَّ بإذْنِ اللَّهِ ) الآية [ 145 ] معناه : لا تموت نفس إلا بإذن الله ، وليس هو نهي للنفس ، لأن ذلك ليس هو في يديها وهو بمنزلة ( فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ )( {[10990]} ) أي : كونوا مسلمين حتى يصادفكم الموت عليه ، وليس هو نهي عن شيء لأن ذلك ليس إليهم ليس الموت في أيديهم ، وله نظائر كثيرة ليس معناها النهي عن المذكور إنما معناها النفي ، كأنه قال : لا تفارق الإسلام حتى يأتيكم الموت ، وأنتم عليه كذلك .

هذا معنى( {[10991]} ) لا تموت نفس إلا بإذن الله( {[10992]} ) ، أخبرهم الله في هذه الآية أن محمداً صلى الله عليه وسلم وغيره لا يموت إلا بإذن الله ، وإذا أتى أجله . " وكتاباً " منصوب على المصدر( {[10993]} ) أي كتب الله ذلك كتاباً .

قوله : ( وَمَن يُّرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُوتِهِ مِنْهَا ) أي : من يرد بعمله أعراض الدنيا دون ما عند الله يعطه ما قسم الله منها يرزق أيام حياته ، ولا حظ له في الآخرة ، ( وَمَن يُّرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ ) ، أي ما عند الله من الكرامة ( نُوتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ) أي : سنتيب من أطاعني( {[10994]} ) وقبل أمري ، لأن اتباع أمر الله والعمل بطاعته من أعظم الشكر .


[10990]:- البقرة آية 131.
[10991]:- (ب) و(د): معناه.
[10992]:- انظر: إعراب النحاس 1/368.
[10993]:- اختلف في إعراب كتاباً على أقوال منها: (أ) أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة، انظر: معاني الأخفش 1/422 ومعاني الزجاج/474. (ب) أنه مقول القول. انظر: جامع البيان 4/115. (ج) أنه تمييز. انظر: المحرر 3/250. (د) أنه منصوب على الإغراء. انظر: البحر 3/70.
[10994]:- (د): سأتيب من أطاعني من سنتيب من أطاعني.