جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ كِتَٰبٗا مُّؤَجَّلٗاۗ وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلۡأٓخِرَةِ نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَاۚ وَسَنَجۡزِي ٱلشَّـٰكِرِينَ} (145)

{ وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله } أي : محال أن يموت أحد إلا بقدر الله ، { كتاباً مُؤجّلا } أي كتب الموت كتابا مؤقتا لا يتقدم ولا يتأخر فالتأخير عن القتال والإقدام عليه لا يزيد ولا ينقص في العمر ، { ومن يُرد ثواب الدنيا } أي : من عمله ، { نُؤته منها } إن أردنا ، قيل هذا تعريض بمن شغلتهم الغنائم يوم أحد ، وتركوا المركز الذي وقفهم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم { ومن يُرد ثواب الآخرة } : كمن ثبت حتى قتل ، { نُؤته منها } أي : من ثوابها ، { وسنجزي الشاكرين{[831]} } : الذين لم تشغلهم زينة الدنيا .


[831]:أخبر الله تعالى في هذه الآية أن من طلب الدنيا لا بد أن يصل إلى بعض مقصوده ومن طلب الآخرة فكذلك، وتقريره قوله عليه السلام {إنما الأعمال بالنيات} إلى آخر الحديث [أخرجه البخاري في (بدء الوحي) (ح1)، وفي مواضع أخر من صحيحه، والفظ له، ومسلم في (الإمارة) (4/571) ط الشعب] واعلم أن هذه الآية وإن وردت في الجهاد خاصة لكنها عامة في جميع الأعمال، وذلك لأن المؤثر في جلب الثواب المقصود والدواعي لا ظواهر الأعمال، فإن من وضع الجبهة على الأرض في صلاة الظهر والشمس قدامه فإن قصد بذلك السجود عبادة الله تعالى كان ذلك من أعظم دعائم الإسلام، وإن قصد به عبادة الشمس كان ذلك من أعظم دعائم الكفر، وروى أبو هريرة عنه عليه السلام (أن الله تعالى يقول يوم القيامة لمقاتل في سبيل الله في ماذا قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت فيقول تعالى: كذبت بل أردت أن يقال فلان محارب وقد قيل ذلك ثم إن الله تعالى يأمر به إلى النار)/12 كبير للرازي [والحديث أخرجه مسلم في (الإمارة) (5/568) ط الشعب].