فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ كِتَٰبٗا مُّؤَجَّلٗاۗ وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَن يُرِدۡ ثَوَابَ ٱلۡأٓخِرَةِ نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَاۚ وَسَنَجۡزِي ٱلشَّـٰكِرِينَ} (145)

قوله : { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله } هذا كلام مستأنف يتضمن الحثّ على الجهاد ، والإعلام بأن الموت لا بدّ منه . ومعنى : { بِإِذنِ الله } بقضاء الله ، وقدره ، وقيل : إن هذه الجملة متضمنة للإنكار على من فشل بسبب ذلك الإرجاف بقتله صلى الله عليه وسلم ، فبين لهم أن الموت بالقتل ، أو بغيره منوط بإذن الله ، وإسناده إلى النفس مع كونها غير مختارة له للإيذان بأنه لا ينبغي لأحد أن يقدم عليه إلا بإذن الله . وقوله : { كتابا } مصدر مؤكد لما قبله ؛ لأن معناه كتب الله الموت كتاباً . والمؤجل : المؤقت الذي لا يتقدّم على أجله ، ولا يتأخر . قوله : { وَمَن يُرِدِ } أي : بعمله { ثَوَابَ الدنيا } كالغنيمة ، ونحوها ، واللفظ يعمّ كل ما يسمى ثواب الدنيا ، وإن كان السبب خاصاً { نُؤْتِهِ مِنْهَا } أي : من ثوابها على حذف المضاف { وَمَن يُرِدِ } بعمله { ثَوَابَ الآخرة } وهو الجنة نؤته من ثوابها ، ونضاعف له الحسنات أضعافاً كثيرة { وَسَنَجْزِي الشاكرين } بامتثال ما أمرناهم به كالقتال ، ونهيناهم عنه كالفرار ، وقبول الإرجاف .

/خ148