المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَوۡ أَرَدۡنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهۡوٗا لَّٱتَّخَذۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَٰعِلِينَ} (17)

17- لو أردنا أن نتخذ ما نلْهُو به لما أمكن أن نتخذه إلا من مُلكنا الذي ليس في الوجود مُلك غيره ، إن كنا ممن يفعل ذلك ، ولسنا ممن يفعله لاستحالته في حقنا .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَوۡ أَرَدۡنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهۡوٗا لَّٱتَّخَذۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَٰعِلِينَ} (17)

قوله تعالى : { لو أردنا أن نتخذ لهواً } اختلفوا في اللهو ، قال ابن عباس في رواية عطاء : اللهو ها هنا المرأة ، وهو قول الحسن و قتادة ، وقال في رواية الكلبي : اللهو الولد ، وهو قول السدي ، وهو في المرأة أظهر لأن الوطء يسمى لهواً في اللغة والمرأة محل الوطء { لاتخذناه من لدنا } يعني : من عندنا من الحور العين لا من عندكم من أهل الأرض . وقيل : معناه لو كان جائزاً ذلك في صفته لم يتخذه بحيث يظهر لهم بل يستر ذلك حتى لا يطلعوا عليه . وتأويل الآية أن النصارى لما قالوا في المسيح وأمه ما قالوا رد الله عليهم بهذا وقال : لاتخذناه من لدنا لأنكم تعلمون أن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده ، لا عند غيره { إن كنا فاعلين } قال قتادة و مقاتل و ابن جريج : { إن } للنفي معناه : ما كنا فاعلين . وقيل : إن كنا فاعلين للشرط أي : إن كنا ممن يفعل ذلك لاتخذناه من لدنا ، ولكنا لم نفعله لأنه لا يليق بالربوبية .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَوۡ أَرَدۡنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهۡوٗا لَّٱتَّخَذۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَٰعِلِينَ} (17)

{ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا ْ } على الفرض والتقدير المحال { لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا ْ } أي : من عندنا { إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ْ } ولم نطلعكم على ما فيه عبث ولهو ، لأن ذلك نقص ومثل سوء ، لا نحب أن نريه إياكم ، فالسماوات والأرض اللذان بمرأى منكم على الدوام ، لا يمكن أن يكون القصد منهما العبث واللهو ، كل هذا تنزل مع العقول الصغيرة وإقناعها بجميع الوجوه المقنعة ، فسبحان الحليم الرحيم ، الحكيم في تنزيله الأشياء منازلها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَوۡ أَرَدۡنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهۡوٗا لَّٱتَّخَذۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَٰعِلِينَ} (17)

ولو أراد الله سبحانه - أن يتخذ لهوا لاتخذه من لدنه . لهوا ذاتيا لا يتعلق بشيء من مخلوقاته الحادثة الفانية .

وهو مجرد فرض جدلي : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ) . . ولو - كما يقول النحاة - حرف امتناع لامتناع . تفيد امتناع وقوع فعل الجواب لامتناع وقوع فعل الشرط . فالله سبحانه لم يرد أن يتخذ لهوا فلم يكن هناك لهو . لا من لدنه ولا من شيء خارج عنه .

ولن يكون لأن الله - سبحانه - لم يرده ابتداء ولم يوجه إليه إرادته أصلا : إن كنا فاعلين . . وإن حرف نفي بمعنى ما ، والصيغة لنفي إرادة الفعل ابتداء .

إنما هو فرض جدلي لتقرير حقيقة مجردة . . هي أن كل ما يتعلق بذات الله - سبحانه - قديم لا حادث ، وباق غير فان . فلو أراد - سبحانه - أن يتخذ لهوا لما كان هذا اللهو حادثا ، ولا كان متعلقا بحادث كالسماء والأرض وما بينهما فكلها حوادث . . إنما كان يكون ذاتيا من لدنه سبحانه . فيكون أزليا باقيا ، لأنه يتعلق بالذات الأزلية الباقية .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَوۡ أَرَدۡنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهۡوٗا لَّٱتَّخَذۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَٰعِلِينَ} (17)

{ لو أردنا أن نتخذ لهوا } ما يتلهى به ويلعب { لاتخذناه من لدنا } من جهة قدرتنا ، أو من عندنا مما يليق بحضرتنا من المجردات لا من الأجسام المرفوعة والأجرام المبسوطة كعادتكم في رفع السقوف وتزويقها وتسوية الفرش وتزيينها ، وقيل اللهو الولد بلغة اليمن وقيل الزوجة والمراد به الرد على النصارى { إن كنا فاعلين } ذلك ويدل على جواب الجواب المتقدم وقيل { إن } نافية والجملة كالنتيجة للشرطية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَوۡ أَرَدۡنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهۡوٗا لَّٱتَّخَذۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَٰعِلِينَ} (17)

ظاهر هذه الآية الرد على من قال من الكفار أمر مريم وما ضارعه من الكفر تعالى الله عن قول المبطلين ، و «اللهو » في هذه الآية المرأة وروي أنها في بعض لغات العرب تقع على الزوجة ، و { إن } في قوله { إن كنا فاعلين } يحتمل أن تكون الشرطية بمعنى لو كنا أي ولسنا كذلك ، وللمتكلمين هنا اعتراض وانفصال ويحتمل أن تكون نافية بمعنى ما وكل هذا قد قيل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَوۡ أَرَدۡنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهۡوٗا لَّٱتَّخَذۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَٰعِلِينَ} (17)

جملة { لو أردنا أن نتخذ لهواً } مقررة لمعنى جملة { وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين } تقريراً بالاستدلال على مضمون الجملة ، وتعليلاً لنفي أن يكون خلق السماوات والأرض لَعباً ، أي عبثاً بأن اللعب ليس من شأننا أو على الفرض والتنازل لو أردنا اللهو لكان ما يلهو به حاصلاً في أشرف الأماكن من السماوات فإنها أشد اختصاصاً بالله تعالى إذ جعَل سكانها عباداً له مخلصين ، فلذلك عبر عنها باسم الظرف المختص وهو { لَدُن } مضافاً إلى ضمير الجلالة بقوله تعالى من { لدنا } ، أي غير العوالم المختصة بكم بل لكان في عَالم الغيب الذي هو أشد اختصاصاً بنا إذ هو عالم الملائكة المقربين .

فالظرفية المفادة من { لدن } ظرفية مجازية . وإضافة { لدن } إلى ضمير الجلالة دلالة على الرفعة والتفضيل كقوله تعالى { رزقا من لدنا } في سورة [ القصص : 57 ] ، وقوله تعالى : { وهب لنا من لدنك رحمة } في سورة [ آل عمران : 8 ] ، أي لو أردنا أن نتخذ لهواً لما كان اتخاذه في عالم شهادتكم . وهذا استدلال باللزوم العرفي لأن شأن من يتخد شيئاً للتفكه به أن يستأثر به ولا يبيحه لغيره وهو مبني على متعارف عقول المخاطبين من ظنهم أن العوالم العليا أقرب إلى الله تعالى .

وجملة { إن كنا فاعلين } إن جعلت ( إن ) شرطية فارتباطها بالتي قبلها ارتباط الشرط بجزائه المحذوف الدال عليه جواب ( لو ) وهو جملة { لاتخذناه } فيكون تكريراً للتلازم ؛ وإن جعلت ( إن ) حرف نفي كانت الجملة مستأنفة لتقرير الامتناع المستفاد من ( لو ) ، أي ما كنا فاعلين لهواً .