المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

18- لم يتعظ المكذبون بأحوال السابقين . فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم فجأة ؟ فقد ظهرت علاماتها ولم يعتبروا بمجيئها ، فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة بغتة ؟ !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

وقوله : { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً } أي : وهم غافلون عنها ، { فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا } أي : أمارات اقترابها ، كقوله تعالى : { هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى أَزِفَتِ الآزِفَةُ } [ النجم : 56 ، 57 ] ، وكقوله : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } [ القمر : 1 ] وقوله : { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ } [ النحل : 1 ] ، وقوله : { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ } [ الأنبياء : 1 ] ، فبعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ؛ لأنه خاتم الرسل الذي أكمل الله به الدين ، وأقام به الحجة على العالمين . وقد أخبر - صلوات الله وسلامه عليه - بأمارات الساعة وأشراطها ، وأبان عن ذلك وأوضحه بما لم يؤته نبي قبله ، كما هو مبسوط في موضعه .

وقال الحسن البصري : بعثة محمد صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة . وهو كما قال ؛ ولهذا جاء في أسمائه عليه السلام ، أنه نبي التوبة ، ونبي الملحمة ، والحاشر الذي يُحشَر الناس على قدميه ، والعاقب الذي ليس بعده نبي .

وقال{[26662]} البخاري : حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا فضيل بن سليمان ، حدثنا أبو حازم ، حدثنا {[26663]} سهل بن سعد قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بأصبعيه هكذا ، بالوسطى والتي تليها : " بعثت أنا والساعة كهاتين " {[26664]} .

ثم قال تعالى : { فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } أي : فكيف للكافرين بالتذكر{[26665]} إذا جاءتهم القيامة ، حيث لا ينفعهم ذلك{[26666]} ، كقوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى } [ الفجر : 23 ] ، { وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [ سبأ : 52 ] .


[26662]:- (2) في ت: "وروى".
[26663]:- (3) في ت: "عن".
[26664]:- (4) صحيح البخاري برقم (4936).
[26665]:- (5) في ت: "التذكير".
[26666]:- (6) في ت: "التذكير".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

وقوله تعالى : { فهل ينظرون } يريد المنافقين ، والمعنى : { فهل ينظرون } أي هكذا هو الأمر في نفسه وإن كانوا هم في أنفسهم ينتظرون غير ذلك ، فإن ما في أنفسهم غير مراعى ، لأنه باطل .

وقرأ جمهور الناس : «أن تأتيهم » ف { أن } بدل من { الساعة } . وقوله تعالى على هذه القراءة . { فقد جاء أشراطها } إخبار مستأنف والفاء عاطفة جملة من الكلام على جملة . وقرأ أهل مكة فيما روى الرؤاسي «إن تأتهم » بكسر الألف وجزم الفعل على الشرط ، والفاء في قوله : { فقد جاء أشراطها } جواب الشرط{[10363]} وليست بعاطفة على القراءة الأولى فثم نحو من معنى الشرط ، و . { بغتة } معناه : فجأة ، وروي عن أبي عمرو «بغَتّة » بفتح الغين وشد التاء . وقوله : { فقد جاء أشراطها } على القراءتين معناه : فينبغي أن يقع الاستعداد والخوف منها لمن جزم ونظر لنفسه . والذي جاء من أشراط الساعة محمد عليه السلام لأنه آخر الأنبياء ، فقد بان من أمر الساعة قدر ما ، وفي الحديث عنه عليه السلام أنه قال : «أنا من أشراط الساعة{[10364]} وقد بعثت أنا والساعة كهاتين{[10365]} وكفرسي رهان » . ويقال شرط وشرط : بسكون الراء وتخفيفها ، وأشرط الرجل نفسه : ألزمها أموراً . وقال أوس بن حجر : [ الطويل ]

فأشرط فيها نفسه وهو معصم . . . وألقى بأسباب له وتوكلا{[10366]}

وقوله تعالى : { فأنى لهم } الآية ، يحتمل أن يكون المعنى : { فأنى لهم } الخلاص أو النجاة { إذ جاءتهم } الذكرى بما كانوا يخبرون به في الدنيا فيكذبون به وجاءهم العذاب مع ذلك . ويحتمل أن يكون المعنى : فأنى لهم ذكراهم وعملهم بحسبها إذا جاءتهم الساعة ، وهذا تأويل قتادة ، نظيره : { وأنى لهم التناوش من مكان بعيد }{[10367]} [ سبإ : 52 ] .


[10363]:?????
[10364]:وعلى هذه القراءة يكون الوقف على[الساعة]، ويبدأ بالشرط كلام جديد.
[10365]:في مسند الإمام أحمد، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ست من أشراط الساعة: موتي، وفتح بيت المقدس، وموت يأخذ في الناس كقعاص الغنم، وفتنة يدخل حربها بيت كل مسلم...الخ)، أما الحديث باللفظ الذي ذكره ابن عطية فلم أقف عليه.
[10366]:قال أوس هذا البيت من قصيدته الطويلة التي بدأها بقوله:(صحا قلبه عن سكره فتأملا)...والشاعر في هذا البيت يصف رجلا تدلى بحبل من رأس جبل إلى نبعة- شجرة من أشجار الجبال تُتَّخذ منها القسي- أراد أن يقطعها ليتخذ لنفسه منها قوسا، ومعنى(أشراط نفسه): جعلها علما للموت، أي علامة على الموت وبداية له، وقد سمي الشرط شُرطا لأنهم يُقدمون على غيرهم من الجند فهم أوائل الجند، ولهم علامات تدل عليهم، وقال في شرح شواهد الشافية:"ويقال: أشرط نفسه في الأمر أي خاطر بها"، والمُعصم والمعتصم واحد، وهو المتعلق بحبل، والأسباب: الحبال، واحدها سبب، وتوكلا: اعتمدا على الله. والبيت في الديوان، ولسان العرب، والطبري، والقرطبي.
[10367]:من الآية (52) من سورة (سبأ)، ومعنى قول قتادة: أنى لهم أن يتذكروا ويعرفوا ويعقلوا ويتوبوا إذا جاءتهم الساعة؟ أي: قد فات ذلك. وعلى هذا تكون[ذكراهم] ابتداء و{أنى لهم} الخبر، أما على الرأي الأول الذي ذكره ابن عطية فالمبتدأ محذوف، والتقدير: فأنى لهم الخلاص إذا جاءتهم الذكرى؟.