3- إن ربكم - أيها الناس - هو الله الذي خلق السماوات والأرض وما فيهما في ستة أيام{[88]} لا يعلم إلا الله مداها . ثم هيْمن - بعظيم سلطانه - وحده ، ودبَّر أمور مخلوقاته ، فليس لأحد سلطان مع الله في شيء ، ولا يستطيع أحد من خلقه أن يشفع لأحد إلا بإذنه . ذلكم الله الخالق ، هو ربكم وولي نعمتكم فاعبدوه - وحده - وصدقوا رسوله ، وآمنوا بكتابه . فعليكم أن تذكروا نعمة الله وتتدبروا آياته الدالة على وحدانيته .
يقول تعالى مبينا لربوبيته وإلهيته وعظمته : { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } مع أنه قادر على خلقها في لحظة واحدة ، ولكن لما له في ذلك من الحكمة الإلهية ، ولأنه رفيق في أفعاله .
ومن جملة حكمته فيها ، أنه خلقها بالحق وللحق ، ليعرف بأسمائه وصفاته ويفرد بالعبادة .
{ ثُمَّ } بعد خلق السماوات والأرض { اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } استواء يليق بعظمته .
{ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ } في العالم العلوي والسفلي من الإماتة والإحياء ، وإنزال الأرزاق ، ومداولة الأيام بين الناس ، وكشف الضر عن المضرورين ، وإجابة سؤال السائلين .
فأنواع التدابير نازلة منه وصاعدة إليه ، وجميع الخلق مذعنون لعزه{[389]} خاضعون لعظمته وسلطانه .
{ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ } فلا يقدم أحد منهم على الشفاعة ، ولو كان أفضل الخلق ، حتى يأذن الله ولا يأذن ، إلا لمن ارتضى ، ولا يرتضي إلا أهل الإخلاص والتوحيد له .
{ ذَلِكُمْ } الذي هذا شأنه { اللَّهُ رَبُّكُمْ } أي : هو الله الذي له وصف الإلهية الجامعة لصفات الكمال ، ووصف الربوبية الجامع لصفات الأفعال .
{ فَاعْبُدُوهُ } أي : أفردوه بجميع ما تقدرون عليه من أنواع العبودية ، { أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } الأدلة الدالة على أنه وحده المعبود المحمود ، ذو الجلال والإكرام .
{ إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض } التي هي أصول الممكنات . { في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبّر الأمر } يقدر أمر الكائنات على ما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته ويهيئ بتحريكه أسبابها وينزلها منه ، والتدبير النظر في أدبار الأمور لتجيء محمودة العاقبة . { ما من شفيع إلا من بعد إذنه } تقرير لعظمته وعز جلاله ، ورد على من زعم أن آلهتهم تشفع لهم عند الله وفيه إثبات الشفاعة لمن أذن له { ذلكم الله } أي الموصوف بتلك الصفات المقتضية للألوهية والربوبية . { ربكم } لا غير إذ لا يشاركه أحد في شيء من ذلك . { فاعبدوه } وحدوه بالعبادة . { أفلا تذكّرون } تتفكرون أدنى تفكر فينبهكم على أنه المستحق للربوبية والعبادة لا ما تعبدونه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.