تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

{ إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ 3 إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ 4 }

المفردات :

في ستة أيام : أي : في ستة أوقات لا يعلم مداها إلا الله تعالى أما اليوم المعروف ؛ فإنه لم يحدث إلا بعد خلق السماوات والأرض .

ثم استوى على العرش : ثم استولى عليه ، ومنه قول الشاعر : استوى بشر على العراق . من غير سيف ودم مهراق .

أي : ثم استولى على العرش ؛ ليدبر شئونه وشئون الكون كله ، ولم يغلبه عليه أحد ، فهو وحده الخالق المدبر ، وسيأتي في المعنى الحديث عن العرش .

التفسير :

3 { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض . . . } الآية .

جاءت هذه الآية لإظهار بطلان تعجبهم من أن الله تعالى أرسل إليهم رجلا منهم ؛ لينذرهم ويبشرهم .

المعنى : إن ربكم ومالك أموركم هو الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أزمنة أو أيام ، قيل : كأيام الدنيا ، وقيل : كل يوم كألف سنة مما تعدون ، أو خمسين ألف سنة .

والمختار : أن السماوات والأرض خلقت في ستة مراحل متباعدة ، اقتضاها تطوير خلقها من دخان إلى نجوم وكواكب وأرضين يابسات . i

{ ثم استوى على العرش } . أي : ملك سلطان الكون وهيمن عليه .

{ يدبر الأمر } . أي : يدبر أمر الخلائق والملكوت بما يتفق مع حكمته وعلمه ، ويقدر أمر الكائنات على ما اقتضته حكمته ، وسبقت به كلمته .

{ ما من شفيع إلا من بعد إذنه } . في هذا النص الكريم تقدير لعظمة الله ؛ فهو المتفرد بالألوهية ، ليس معه إله آخر وقد ادعى المشركون أن آلهتهم تقربهم إلى الله زلفى ؛ فذكر القرآن الكريم في أكثر من آية أن الشفاعة مقصورة على من ارتضاه الله أهلا للشفاعة وهو محمد صلى الله عليه وسلم .

والمعنى : ما من شفيع لأحد في وقت من الأوقات إلا من بعد إذن الله المبني على الحكم الباهرة ، وذلك عند كون الشفيع من المصطفين الأخيار ، والمشفوع له ممن تليق به الشفاعة من عصاة المؤمنين .

{ ذالكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون } . أي : هذا الذي ذكر فضله وآلاؤه هو الله الذي لا إله سواه . وهو ربكم وخالقكم ؛ فاعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئا .

{ أفلا تذكرون } . أفلا تتفكرون أدنى تفكر ، فينبهكم على أنه المستحق للربوبية والعبادة لا ما تعبدونه .