تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

وقوله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) إن القوم [ كانوا ][ من م ، ساقطة من الأصل ] يعبدون الأصنام والأوثان ، ويتخذون الأحبار والرهبان أربابا من دون الله ، يقول [ لهم ][ ساقطة من الأصل وم ] : إن ربكم الذي يستحق العبادة والألوهية هو الذي خلقكم ، وخلق السماوات والأرض ، لا الذي يعبدونه .

وقوله تعالى : ( في ستة أيام ثم استوى على العرش ) قد تقدم ذكره في صدر الكتاب .

وقوله تعالى : ( يدبر الأمر ) هو[ في الأصل وم : وهوي أيضا على الأول : إن الذي يستحق صرف العبادة إله وتوجيه[ الواو ساقطة من الأصل وم ] الشكر إليه هو الذي يدبر الأمر في مصالح الخلق في جر المنافع إليهم ودفع المضار عنهم لا الذين لا يملكون المنافع إلى أنفسهم أو دفع المضار عنهم فضلا ألا[ في الأصل وم : إن ] يملكوا[ أجرا ما ][ في م ، في الأصل : أجرها ] إلى من يعبدهم أو دفع المضار عنهم .

قال بعض أهل التأويل : ( يدبر الأمر ) أي يقضيه ، والتدبير والقضاء واحد ، وقال بعضهم : يدبر يقدر ، وهو ما ذكرنا : التدبير والتقدير سواء .

وقوله تعالى : ( مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ) الشفيع هو ذو المنزلة والقدر عند الذي يشفع إليه ، لا أحد في الشاهد يشفع لآخر إلى بعد أن يكون الشفيع عند الذي يشفع إليه ذا منزلة وقدر . فإذا كان كذلك فمع ذلك أيضا لا يشفع إلا من بعد ما أذن له بالشفاعة لمن جاء بالتوحيد .

وقوله تعالى : ( ذلكم الله ربكم فاعبدوه ) يقول : ذلكم الذي يستحق العبادة هو ربكم الذي خلقكم ، وخلق السموات والأرض ، ودبر أموركم ( فاعبدوه ) ولا تعبدوا الذي لا يملك شيئا من ذلك ( أفلا تذكرون ) أنه هو المستحق للعبادة ، وهو المستوجب للشكر لا الذين تعبدون أنتم ، أو يقول[ أدرج قبلها في الأصل وم : أن ] ( أفلا تذكرون ) أن الذي خلقكم ، وخلق السماوات والأرض هو ربكم ، وهو مدبر أمور الخلائق في مصالحهم في دنياهم ودينهم لا الذين[ في الأصل وم : الذي ] تعبدون من دون الله ، والله أعلم .