لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

قوله عز وجل : { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش } تقدم تفسير هذا في سورة الأعراف بما فيه كفاية . وقوله سبحانه وتعالى : { يدبر الأمر } قال مجاهد : يقضيه وحده . وقيل : معنى التدبير ، تنزيل الأمور في مراتبها وعلى أحكام عواقبها . وقيل : إنه سبحانه وتعالى يقضي ويقدر على حسب مقتضى الحكمة وهو النظر في أدبار الأمور وعواقبها لئلا يدخل في الوجود ما لا ينبغي . وقيل : معناه إنه سبحانه وتعالى يدبر أحوال الخلق وأحوال ملكوت السماوات والأرض فلا يحدث حدث في العالم العلوي ولا في العالم السفلي إلا بإرادته وتدبيره وقضائه وحكمته { ما من شفيع إلا من بعد إذنه } يعني : لا يشفع عنده شافع يوم القيامة إلا من بعد أن يأذن له في الشفاعة لأنه عالم بمصالح عباده وبموضع الصواب والحكمة في تدبيرهم فلا يجوز لأحد أن يسأله ما ليس له به علم فإذا أذن له في الشفاعة كان له أن يشفع فيمن يأذن له فيه وفيه رد على كفار قريش في قولهم : إن الأصنام تشفع لهم عند الله يوم القيامة فأخبر الله سبحانه وتعالى أنه لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه لأن له التصرف المطلق في جميع العالم { ذلكم الله ربكم } يعني الذي خلق هذه الأشياء ودبرها هو ربكم وسيدكم لا رب لكم سواه { فاعبدوه } أي فاجعلوا عبادتكم له لا لغيره لأنه المستحق للعبادة بما أنعم عليكم من النعم العظيمة { أفلا تذكرون } يعني أفلا تتعظون وتعتبرون بهذه الدلائل والآيات التي تدل على وحدانيته سبحانه وتعالى .