بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

قوله تعالى : { إِنَّ رَبَّكُمُ الله الذى خَلَقَ السموات والأرض **فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ استوى عَلَى العرش } ؛ وقد ذكرناه ثم قال : { يُدَبّرُ الأمر } ، يعني : يقضي القضاء وينظر في تدبير الخلق . وروى الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن ابن سابق قال : يدبر أمر الدنيا أربعة : جبريل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل . أما جبريل ، فعلى الرياح والوحي والجنود ، وأما ميكائيل ، فعلى النبات والمطر ، وأما ملك الموت ، فعلى الأنفس ؛ وأما إسرافيل ، فينزل إليهم بما يؤمرون . { مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ } ، لأن الكفار كانوا يعبدون الأصنام ويقولون : هم شفعاؤنا عند الله ، وبعضهم كانوا يعبدون الملائكة فأخبر الله تعالى أنه لا شفاعة لأحد إلاَّ بإذن الله تعالى ؛ ويقال : { مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ } يعني : لا يشفع أحد لأحد يوم القيامة من الملائكة ولا من المرسلين ، إلا من بعد إذنه في الشفاعة لهم .

{ ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ } ، يعني : الذي يفعل هذا من خلق السموات والأرض وتدبير الخلق هو ربكم وخالقكم ، { فاعبدوه } ؛ فدل أولاً على وحدانيته وتدبيره ، ثم أمرهم بالتوحيد والطاعة فقال : { فاعبدوه } ، يعني : وحدوه وأطيعوه . { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } ، يعني : أفلا تتعظون بالقرآن ؟ ويقال : أفلا تتعظون بأن لا تعبدوا من لا يملك شيئاً ، وتعبدون من يملك الدنيا وما فيها ؟ قرأ حمزة ، والكسائي ، وعاصم في رواية حفص { تَذَكَّرُونَ } بالتخفيف ، وقرأ الباقون بالتشديد ، لأن أصله تتذكرون فأدغم إحدى التاءين في الذال وأقيم التشديد مقامه .