المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

3- إن ربكم - أيها الناس - هو الله الذي خلق السماوات والأرض وما فيهما في ستة أيام{[88]} لا يعلم إلا الله مداها . ثم هيْمن - بعظيم سلطانه - وحده ، ودبَّر أمور مخلوقاته ، فليس لأحد سلطان مع الله في شيء ، ولا يستطيع أحد من خلقه أن يشفع لأحد إلا بإذنه . ذلكم الله الخالق ، هو ربكم وولي نعمتكم فاعبدوه - وحده - وصدقوا رسوله ، وآمنوا بكتابه . فعليكم أن تذكروا نعمة الله وتتدبروا آياته الدالة على وحدانيته .


[88]:خلق الله الكون بأسره في ست مراحل، وتتضمن المرحلة أحقابا برمتها، وتلك المراحل التي عبر عنها بالأيام الستة تسخير للشمس والقمر والنجوم لفائدة البشر، وكذلك تعاقب الليل والنهار، وأن النهار طارئ على ظلام السماء، وذكر الليل أولا لأن الظلام هو الأصل، فأما النهار: فقد نشأ بسبب تناثر ضوء الشمس في جو الأرض التي تدور حول نفسها وتعرضه للإشعاع الشمسي.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

يقول تعالى مبينا لربوبيته وإلهيته وعظمته : { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } مع أنه قادر على خلقها في لحظة واحدة ، ولكن لما له في ذلك من الحكمة الإلهية ، ولأنه رفيق في أفعاله .

ومن جملة حكمته فيها ، أنه خلقها بالحق وللحق ، ليعرف بأسمائه وصفاته ويفرد بالعبادة .

{ ثُمَّ } بعد خلق السماوات والأرض { اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } استواء يليق بعظمته .

{ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ } في العالم العلوي والسفلي من الإماتة والإحياء ، وإنزال الأرزاق ، ومداولة الأيام بين الناس ، وكشف الضر عن المضرورين ، وإجابة سؤال السائلين .

فأنواع التدابير نازلة منه وصاعدة إليه ، وجميع الخلق مذعنون لعزه{[389]}  خاضعون لعظمته وسلطانه .

{ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ } فلا يقدم أحد منهم على الشفاعة ، ولو كان أفضل الخلق ، حتى يأذن الله ولا يأذن ، إلا لمن ارتضى ، ولا يرتضي إلا أهل الإخلاص والتوحيد له .

{ ذَلِكُمْ } الذي هذا شأنه { اللَّهُ رَبُّكُمْ } أي : هو الله الذي له وصف الإلهية الجامعة لصفات الكمال ، ووصف الربوبية الجامع لصفات الأفعال .

{ فَاعْبُدُوهُ } أي : أفردوه بجميع ما تقدرون عليه من أنواع العبودية ، { أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } الأدلة الدالة على أنه وحده المعبود المحمود ، ذو الجلال والإكرام .


[389]:- في ب: لعزته.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

ثم ساق - سبحانه - من مظاهر قدرته ، ما يبطل تعجبهم فقال - تعالى - :

{ إِنَّ رَبَّكُمُ الله الذي خَلَقَ السماوات . . . }

قال الإِمام الرازي ما ملخصه : " اعلم أنه - تعالى - لما حكى عن الكفار أنهم تعجبوا من الوحي والبعثة والرسالة ثم إنه - تعالى - أزال ذلك التعجب بأنه لا يبعد ألبتة في أن يبعث خالق الخلق إليهم رسولا يبشرهم وينذرهم . . كان هذا الجواب إنما يتم بإثبات أمرين :

أحدهما : إثبات أن لهذا العالم إلها قاهرا قادرا ، نافذ الحكم بالأمر والنهي .

والثاني : إثبات الحشر والنشر والبعث والقيامة ، حتى يحصل الثواب والعقاب اللذان أخبر الأنبياء عن حصولهما .

فلا جرم أنه - سبحانه - ذكر في هذا الموضع ما يدل على تحقيق هذين المطلوبين .

أما الأول : وهو إثبات الألوهية فبقوله - تعالى : { إِنَّ رَبَّكُمُ الله الذي خَلَقَ السماوات والأرض . . . } .

وأما الثاني : فهو إثبات المعاد والحشر والنشر بقوله : { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً . . . } .

فثبت أن هذا الترتيب في غاية الحسن . ونهاية الكمال .

والمعنى : إن ربكم ومالك أمركم - الذي عجبتم من أن يرسل إليكم رسولا منكم هو الذي الذي خلق السموات والأرض في مقدار ستة أيام أى أوقات .

فالمراد من اليوم معناه اللغوي وهو مطلق الوقت .

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن تلك الأيام من أيام الآخرة التي يوم منها كألف سنة مما تعدون .

قال الآلوسى : " وقيل هي مقدار ستة أيام من أيام الدنيا وهو الأنسب بالمقام ، لما فيه من الدلالة على القدرة الباهرة بخلق هذه الأجرام العظيمة في مثل تلك المدة اليسيرة ، ولأنه تعريف لنا بما نعرفه " .

وقال بعض العلماء : " ولا ندخل في تحديد هذه الأيام الستة ، فهي لم تذكر هنا لنتجه إلى تحديد مداها ونوعها ، وإنما ذكرت لبيان حكمة التدبير والتقدير في الخلق حسب مقتضيات الغاية من هذا الخلق ، وتهيئته لبلوغ هذه الغاية .

وعلى أية حال فالأيام الستة غيب من غيب الله ، الذي لا مصرد لإدراكه إلا هذا المصدر ، فعلينا أن نقف عنده ولا نتعداه ، والمقصود بذكرها هو الإِشارة إلى حكمة التقدير والتدبير والنظام الذي يسير مع الكون من بدئه إلى منتهاه " .

وقال سعيد بن جبير : كان الله قادرا على أن يخلق السموات والأرض في لمحة ولحظة .

ولكنه - سبحانه - خلقهن في ستة أيام ، لكي يعلم عباده التثبت والتأني في الأمور .

وقوله : { ثُمَّ استوى عَلَى العرش } معطوف على ما قبله ، لتأكيد مزيد قدرته وعظمته - سبحانه - .

والاستواء من معانيه اللغوية الاستقرار ، ومنه قوله - تعالى - { واستوت عَلَى الجودي } أي : استقرت ، ومن معانيه - أيضاً - الاستيلاء والقهر والسلطان ، ومنه قول الشاعر :

قد استوى بشر على العراق أي : استولى عليه .

وعرش الله - كما قال الراغب - مما لا يعلمه البشر على الحقيقة إلا بالاسم وليس كما تذهب إليه أوهام العامة ، فإنه لو كان كذلك لكان حاملا له - تعالى الله عن ذلك - لا محمولا " .

وقد ذكر العرش في القرآن الكريم في إحدى وعشرين آية . وذكر الاستواء على العرش في سبع آيات .

أما الاستواء على العرش فذهب سلف الأمة إلى أنه صفة الله - تعالى - بلا كيف ولا انحصار ولا تشبيه ولا تمثيل لاستحالة اتصافه - سبحانه - بصفات المحدثين ، ولوجوب تنزيهه عمالا يليق به فيجب الإِيمان بها كام وردت وتفويض العلم بحقيقتها إلى الله - تعالى - .

فعن أم سلمة - رضي الله عنها - أنها قالت في تفسر قوله - تعالى { الرحمن عَلَى العرش استوى } الكيف غير معقول ، والاستواء مجهول ، والإِقرار به من الإِيمان ، والجحود به كفر .

وقال الإِمام مالك : الكيف غير معقول ، والاستواء غير مجهول ، والإِيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة .

وقال محمد بن الحسن : اتفق الفقهاء جميعا على الإِيمان بالصفات من غير تفسير ولا تشبيه .

وقال الإِمام الرازي : " إن هذا المذهب هو الذي نقول به ونختاره ونعتمد عليه " .

وذهب بعض علماء الخلف إلى وجوب صرف هذه الصفة وأمثالها عن الظاهر لاستحالة حملها على ما يفيده ظاهر اللفظ ، لأنه - سبحانه - مخالف للحوادث ، ووجوب حملها على ما يليق به - سبحانه - .

وعليه فإن الاستواء هنا : كناية عن القهر والعظمة والغلبة والسلطان وقوله : { يُدَبِّرُ الأمر } استنئاف مسوق لتقرير عظمته - سبحانه - ولبيان حكمة استوائه على العرش .

والتدبير معناه : النظر في أدبار الأموار وعواقبها لتقع على الوجه المحمود .

والمراد به هنا : ما يتعلق بأمور المخلوقات كلها من إنس وجن وغير ذلك من مخلوقاته التي لا تعد ولا تحصى .

أى أنه سبحانه يدبر أمر مخلوقاته تدبيرا حكيما ، حسبما تقتضيه إرادته وعبر بالمضارع في قوله : { يدبر } للإِشارة إلى تجدد التدبير واستمراره ، إذ أنه - سبحانه - لا يهمل شئون خلقه .

وقوله : { مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ } استئناف آخر مسوق لبيان تفرده في تدبيره وأحكامه .

والشفيع مأخوذ من الشفيع وهو ضم الشيء إلى مثله ، وأكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى منزلة إلى من هو أدنى منه لإِعانته على ما يريده .

والاستثناء هنا مفرغ من أعم الأوقات والأحوال . أي : ما من شفيع يستطيع أن يشفع لغيره في جميع الأوقات والأحوال إلا بعد إذنه - سبحانه - .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } وقوله - سبحانه - : { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ في السماوات لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ الله لِمَن يَشَآءُ ويرضى } واسم الإِشارة في قوله - سبحانه - { ذلكم الله رَبُّكُمْ فاعبدوه } يعود إلى ذات الله - تعالى - الموصوفة بتلك الصفات الجليلة .

أى : ذلك الموصوف بالخلق والتدبير والتصرف في شئون خلقه وفق مشيئته ، هو الله ربكم فأخلصوا له العبادة والطاعة ولا تشركوا معه أحدا في ذلك .

ثم ختم - سبحانه - الآية بالأمر بالتذكر فقال : { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } أي : أتعلمون أن الله - تعالى - هو خالقكم وهو القادر على كل شيء ، ومع ذلك تستبعدون أن يكون الرسول نبيكم - صلى الله عليه وسلم - : وإيثار { تَذَكَّرُونَ } على تفكرون للإِيذان بظهور الأمر وأنه كالمعلوم الذي لا يفتقر إلى عمق في التفكير والبحث والتأمل . إذ أن مظاهر قدرة الله وعظمته نراها واضحة جلية في الأنفس والآفاق .

وبذلك نرى الآية الكريمة قد ساقت ألوانا من مظاهر قدرة الله - تعالى - وبالغ حكمته ، ونفاذ أحكامه حتى يخلص له الناس العبادة والطاعة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

يخبر تعالى أنه رب العالم جميعه ، وأنه خَلَق السموات والأرض في ستة أيام - قيل : كهذه الأيام ، وقيل : كل يوم كألف سنة مما تعدون . كما سيأتي بيانه [ إن شاء الله تعالى ]{[14055]} ثم استوى على العرش ، والعرش أعظم المخلوقات وسقفها .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا حجاج بن حمزة ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال : سمعت سعد{[14056]} الطائي يقول : العرش ياقوتة حمراء .

وقال وهب بن منبه : خلقه الله من نوره .

وهذا غريب .

{ يُدَبِّرُ الأمْرَ } أي : يدبر أمر الخلائق ، { لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ } [ سبأ : 3 ] ، ولا يشغله شأن عن شأن ، ولا تغلّظه{[14057]} المسائل ، ولا يتبرم بإلحاح الملحين{[14058]} ولا يلهيه تدبير الكبير عن الصغير ، في الجبال والبحار والعمران والقفار ، { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [ هود : 6 ] . { وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [ الأنعام : 59 ] {[14059]} .

وقال الدراوردي ، عن سعد بن إسحاق بن كعب [ بن عجرة ]{[14060]} أنه قال حين نزلت هذه الآية : { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } لقيهم ركب عظيم{[14061]} [ لا يرون إلا أنهم ]{[14062]} من العرب ، فقالوا لهم : من أنتم ؟ قالوا . من الجن ، خرجنا من المدينة ، أخرجتنا هذه الآية . رواه ابن أبي حاتم .

[ وقوله ]{[14063]} { مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ } كقوله تعالى : { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ } [ البقرة : 255 ] وكقوله تعالى : { وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى } [ النجم : 26 ] وقوله : { وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } [ سبأ : 23 ] .

وقوله : { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } {[14064]} أي : أفردوه بالعبادة وحده لا شريك له ، { أَفَلا تَذَكَّرُونَ } {[14065]} أي : أيها المشركون في أمركم ، تعبدون مع الله غيره ، وأنتم تعلمون أنه المتفرد بالخلق ، كقوله تعالى : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } [ الزخرف : 87 ] ، وقوله : { قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ } [ المؤمنون : 86 - 87 ] {[14066]} ، وكذا الآية التي قبلها والتي بعدها .


[14055]:- زيادة من أ.
[14056]:- في ت : "سعدا".
[14057]:- في ت ، أ : "ولا يغلطه".
[14058]:- في ت : "+بالألجاج الملجين".
[14059]:- في ت : "يسقط".
[14060]:- زيادة من ت ، أ.
[14061]:- في ت : "لقي - ثم بياض - ركبا عظيما".
[14062]:- زيادة من ت.
[14063]:- زيادة من ت ، أ.
[14064]:- في ت : "يتذكرون".
[14065]:- في ت : "يتذكرون".
[14066]:- في ت : "الله".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

{ إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض } التي هي أصول الممكنات . { في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبّر الأمر } يقدر أمر الكائنات على ما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته ويهيئ بتحريكه أسبابها وينزلها منه ، والتدبير النظر في أدبار الأمور لتجيء محمودة العاقبة . { ما من شفيع إلا من بعد إذنه } تقرير لعظمته وعز جلاله ، ورد على من زعم أن آلهتهم تشفع لهم عند الله وفيه إثبات الشفاعة لمن أذن له { ذلكم الله } أي الموصوف بتلك الصفات المقتضية للألوهية والربوبية . { ربكم } لا غير إذ لا يشاركه أحد في شيء من ذلك . { فاعبدوه } وحدوه بالعبادة . { أفلا تذكّرون } تتفكرون أدنى تفكر فينبهكم على أنه المستحق للربوبية والعبادة لا ما تعبدونه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

هذا ابتداء دعاء إلى عبادة الله عز وجل وإعلام بصفاته ، والخطاب بها لجميع الناس ، و { خلق السماوات والأرض } هو على ما تقرر أن الله عز وجل خلق الأرض { ثم استوى } إلى السماء وهي دخان فخلقها ، ثم دحا الأرض بعد ذلك ، وقوله { في ستة أيام } قيل هي من أيام الآخرة ، وقال الجمهور ، وهو الصواب : بل من أيام الدنيا .

قال القاضي أبو محمد : وذلك في التقدير لأن الشمس وجريها لم يتقدم حينئذ وقول النبي صلى الله عليه وسلم في خلق الله المخلوقات ( إن الله ابتدأ يوم الأحد كذا ويوم كذا كذا ) إنما هو على أن نقدر ذلك الزمان ونعكس إليه التجربة من حين ابتدأ ترتيب اليوم والليلة ، والمشهور أن الله ابتدأ بالخلق يوم الأحد ، ووقع في بعض الأحاديث في كتاب مسلم وفي الدلائل أن البداءة وقعت يوم السبت{[6008]} وذكر بعض الناس أن الحكمة في خلق الله تعالى هذه الأشياء في مدة محدودة ممتدة وفي القدرة أن يقول كن فيكون إنما هو ليعلم عباده التؤدة والتماهل في الأمور .

قال القاضي أبو محمد : وهذا مما لا يوصل إلى تعليله ، وعلى هذا هي الأجنة في البطون وخلق الثمار وغير ذلك ، والله عز وجل قد جعل لكل شيء قدراً وهو أعلم بوجه الحكمة . وقوله { ثم استوى على العرش } قد تقدم القول فيه في { المص } [ الأعراف : 1 ] وقوله { يدبر الأمر } يصح أن يريد ب { الأمر } اسم الجنس من الأمور ويحتمل أن يريد { الأمر } الذي هو مصدر أمر يأمر ، وتدبيره لا إله إلا هو إنما هو الإنفاذ لأنه قد أحاط بكل شيء علماً ، وقال مجاهد : { يدبر الأمر } معناه يقضيه وحده ، وقوله { ما من شفيع الا من بعد إذنه } رد على العرب في اعتقادها أن الأصنام تشفع لها{[6009]} ، وقوله { ذلكم } إشارة الى الله تعالى أي هذا الذي هذه صفاته فاعبدوه ، ثم قررهم على هذه الآيات والعبر فقال { أفلا تذكرون } أي فيكون التذكر سبباً للاهتداء ، واختصار القول في قوله { ثم استوى على العرش } [ إما ] أن يكون { استوى } بقهره وغلبته وإما أن يكون { استوى } بمعنى استولى إن صحت اللفظة في اللسان ، فقد قيل في قول الشاعر :

قد استوى بشر على العراق*** من غير سيف ودم مهراق

إنه بيت مصنوع . وإما أن يكون فعل فعلاً في العرش سماه { استوى } واستيعاب القول قد تقدم{[6010]} .


[6008]:- عبارة ابن عطية هنا تدل على أنه يشك في صحة هذه الرواية، بدليل قوله: "ووقع في بعض الأحاديث"، والحقيقة المشهورة عند العلماء أن الله بدأ الخلق يوم الأحد، وأن مدة الخلق كانت ستة أيام بنص القرآن الكريم. ومعنى ذلك أن هذه الرواية تتعارض مع الآية فلا بد من إسقاطها أو تأويلها، ولا يمنع من ذلك ورودها في صحيح مسلم غفر الله لنا وله، وقد تكلم كثير من الحفاظ في هذا الحديث. والله أعلم.
[6009]:- قال بعض العلماء: فماذا إذا ادّعوا الإذن لها وقالوا: إنها تشفع بعد أن يؤذن لها، والآية لا تنفي الإذن؟ يقال: ولن يأذن لها لأنها ليست أهلا للشفاعة.
[6010]:- في الآية (54) من سورة (الأعراف). واللغويون لهم آراء كثيرة في معنى (استوى) أشهرها أنه بمعنى: استولى وظهر، وقد سئل مالك بن أنس رضي الله عنه: كيف استوى؟ فقال: "الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"